عبيد الله بن عثمان العثماني ، نا عبد الأعلى بن حماد النرسي ، نا عثمان بن عمر ، نا عكرمة ، نا عوف ، نا عبد الرحمن قال :
دخلت مسجد دمشق فإذا رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم [يحدثهم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :](١) «إياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة تصير إلى النار» [٦٩٦٥].
قرأت في كتاب أبي محمد بن زبر رواية أبي سليمان ابنه عنه (٢) ، نا الحارث ـ يعني ابن أبي أسامة ـ وأحمد ـ يعني بن عبيد بن ناصح ـ عن المدائني (٣) قال : استعمل عبيد الله بن زياد عبد الرحمن ابن أم برثن ، ثم غضب عليه فعزله وأغرمه مائة ألف ، فخرج إلى يزيد ، فذكر عبد الرحمن أنه لما صار من دمشق على مرحلة قال : فنزلت وضرب لي خباء وحجرة ، فإني لجالس إذا كلب سلوقي قد دخل ، في عنقه طوق من ذهب يلهث ، فأخذته وطلع رجل على فرس ، فلما رأيت هيبته (٤) أدخلته الحجرة ، وأمرت بفرسه فعوّد (٥) ، فلم ألبث أن توافت الخيل ، فإذا هو يزيد بن معاوية ، فقال لي بعد ما صلّى : من أنت ، وما قصتك؟ فأخبرته ، فقال : إن شئت كتبت لك من مكانك ، وإن شئت دخلت. قلت : بل تكتب لي من مكاني ، قال : فأمر ، فكتب لي إلى عبيد الله بن زياد أن رد عليه مائة ألف. فرجعت. قال : وأعتق عبد الرحمن يومئذ في المكان الذي كتب له فيه الكتاب ثلاثين مملوكا ، وقال لهم : من أحب أن يرجع معي فليرجع ، ومن أحب أن يذهب فليذهب.
وكان عبد الرحمن يتألّه (٦) ، ورمى غلاما له يوما بسفّور فأخطأ الغلام ، وأصاب رأس ابنه ، فنثر دماغه ، فخاف الغلام حين قتل عبد الرحمن ابنه بسببه أن يقتله ، فدعاه ، فقال : يا بني ، اذهب فأنت حر ، فما أحب أن ذلك كان بك ، لأني رميتك متعمدا ، فلو قتلتك هلكت ، وأصيب ابني خطأ. ثم عمي عبد الرحمن بعد ، ومرض ، فدعا الله في مرضه ذلك أن لا يصلي عليه الحكم ، فمات من مرضه ، وشغل الحكم ببعض أموره فلم يصل عليه ، وصلى عليه الأمير
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من م.
(٢) بالأصل وم : «ابنه أبي» والمثبت عن المطبوعة.
(٣) الخبر نقله المزي في تهذيب الكمال ١١ / ٩٣ من طريق أبي الحسن المدائني. والذهبي في سير الأعلام ٤ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ مختصرا.
(٤) في م : فلما رأيته هبته.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر ١٤ / ٢٠٤» «يعود» وفي تهذيب الكمال : «فجرّد» وهو أشبه.
(٦) كذا بالأصل وم والمختصر والمطبوعة ، وفي تهذيب الكمال : نبّالة.