الحجاب ، ودخل ابن الزبير عليها في الحجاب فبكى إليها وبكت إليه ، وقبّلها وكلماها فيه ، وذكرا (١) قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يحلّ لامرئ أن يهجر أخاه فوق ثلاث» فبعد لأي ما كلمته ، فبعثت بمال إلى اليمن ، واشترت به أربعين رقبة ، فأعتقتهم كفّارة لنذرها ، وكانت تذكر نذرها فتبكي حتى تبلّ خمارها [٦٩٩١].
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد الأزهري ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا أبو حامد بن الشرقي ، نا محمّد بن يحيى الذهلي ، نا أبو صالح ، حدّثني الليث ، حدّثني عبد الرّحمن بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام أن عبد الرّحمن بن الأسود بن عبد يغوث أخبرهم.
أنهم حاصروا دمشق ، فانطلق رجل من أسد شنوءة فأسرع إلى العدو وحده ليستقتل ، وعاب ذلك المسلمون عليه ، ورفع حديثه إلى عمرو بن العاص وهو على جند من الأجناد ، فأرسل إليه عمرو فردّه ، فقال عمرو : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)(٢) ، وقال الله : (لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٣) فقال له رجل : يا عمرو أذكّرك الله الذي وجدك رأس كفر فجعلك رأس الإسلام أن تصدّني في أمر قد جعلته في نفسي ، فإنّي أريد أن أمشي حتى يزول هذا ، وأشار إلى جبل الثلج ، فلم يزل يناشد عمرا حتى خلّى عمرو سبيله ، فانطلق حتى أمسى ، وجنح الليل قبل العدو ، ثم رجع ، فقال له المسلمون : الحمد لله الذي جعلك وأراك غير رأيك الذي كنت عليه ، قال : إنّي والله ما انثنيت عما في نفسي ولكني رأيت المساء وخشيت أني أهلك بمضيعة فلما أصبح غدا إلى العدوّ وحده ، فقاتلهم حتى قتل.
أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار قال (٤) : ومن ولد وهب بن عبد مناف بن زهرة : الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة (٥) ، وهو من المستهزئين (٦) حنى جبريل عليهالسلام ظهره ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم ينظر فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا جبريل خالي» (٧) فقال جبريل : دعه عنك ، فمات. ومن ولد الأسود بن عبد يغوث :
__________________
(١) عن م وبالأصل : ذكر.
(٢) سورة الصف الآية ٤.
(٣) سورة البقرة الآية ١٩٥.
(٤) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٢٦٢ فكثيرا ما يأخذ الزبير عن عمه المصعب.
(٥) اختلف في عددهم وأسمائهم انظر الدر المنثور للسيوطي ٤ / ١٠٨ وتفسير أبي حيان ٥ / ٤٧٠.
(٦) من قوله : الأسود إلى هنا سقط من م.
(٧) في نسب قريش : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : خالي! خالي!.