عمر بن شبّة ، حدّثني إسحاق بن إبراهيم ، حدّثني معاوية بن بكر بن يعقوب ، عن عيّاش (١) المروي (٢) من أهل ذي المروة أن أباه حمل عدة جواري (٣) إلى الوليد بن يزيد ، فدخل عليه وعنده أخوه عبد الجبار ، وكان حسن الوجه والشعرة ، وفيه (٤) لين ، فأمر الوليد جارية منهن أن تغني :
لو كنت من هاشم أو من بني أسد |
|
أو عبد شمس أو أصحاب اللّوى الصّيد |
فغنت ما أمرها به أخوه (٥) ، فغضب الوليد واحمرّ وجهه وظنّ أنها فعلت ذلك ميلا إلى أخيه ، وعرفت الشر في وجهه فاندفعت فغنت :
أيها العاتب الذي خاف هجري |
|
وبعادي وما عمدت لذاكا |
أترى أنني بغيرك مثلا (٦) |
|
جعل الله من تظنّ (٧) فداكا |
أنت كنت (٨) الملول في غير شيء |
|
بئس ما قلت بئس ذاك كذاكا |
ولو أن الذي عتبت عليه |
|
خيّر الناس واحدا ما عداكا |
أرض عني جعلت نعليك إنّي |
|
والعظيم الجليل أهوى رضاكا |
الشعر لعمر ـ يعني ـ ابن أبي ربيعة.
قال : فسري عن الوليد ، وقال لها : ما منعك أن تغنّين ما دعوتك إليه؟ قالت : لم أكن أحسنه ، وكنت أحسن الصوت الذي سألنيه ، أخذته من ابن عائشة ، فلما تيقنت غضبك غنّيت هذا الصوت ، وكنت أخذته من معبد ، يعني الذي اعتذرت به إليه.
أخبرنا أبو الحسين (٩) بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو
__________________
(١) بالأصل : «عباس» وبدون نقط في م ، والمثبت عن الأغاني.
(٢) كذا بالأصل وم ، والذي ورد في الأغاني : المروزي.
والمروي نسبة إلى ذي المروة ، كما في الأغاني ، وذو المروة : قرية بوادي القرى (معجم البلدان : مروة)
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي الأغاني : جوار.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي الأغاني : «وفيها» وسقطت : «لين» منها.
(٥) كذا بالأصل وم ، والعبارة في الأغاني :
وأمرها أخوها أن تغني :
أتعجب أن طربت لصوت حاد |
|
حدا بزلا يسرن ببطن واد |
فغنت ما أمرها به الغمر (وهو من أولاد يزيد بن عبد الملك).
(٦) كذا ، ومكانها بياض في م ، وفي الأغاني : صبّ.
(٧) عن م والأغاني وبالأصل : يظن.
(٨) بالأصل وم : «ليث الملوك» والمثبت عن الأغاني.
(٩) عن م وبالأصل : أبو الحسن ، تحريف.