زكاة مالك ، وتحجّ البيت ، وتغتسل من الجنابة ، وتؤمن بالله» ، قال : يا رسول الله فإذا فعلت هذا فأنا مسلم؟ قال : «نعم» ، ثم ركب راحلته فسار هنيّة فسقط من بعيره في جحر من جرد (١) فوقص (٢) الأعرابي ميتا ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «قوموا إلى أخيكم فخذوا في جهازه».
قال : فجاءوا به ، فوضعوه قدام النبي صلىاللهعليهوسلم ، فحوّل النبي صلىاللهعليهوسلم وجهه عنه ساعة ثم أقبل إليهم فقال : «خذوا في جهازه» ، قال : فقمنا إليه فحملناه وغسّلناه وكفّناه ، ثم حمله رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أتى به شفير قبره ، فصلّى عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم أدخله قبره ، ثم قال : «مدّوا علي ثوبا» ، فمكث طويلا ثم خرج وإنّ العرق ليتحادر من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى موضع قبره ، فجلس فيه ، فقال بعضهم لبعض : من يكلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويخبرنا من هذا الأعرابي؟ فقال بعضهم لبعض : عليكم بعلي بن أبي طالب ، فكلّموا عليا عليهالسلام ، فقالوا : سل لنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أمر هذا الأعرابي ، فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله جئناه بهذا الأعرابي فوضعناه بين يديك فحوّلت وجهك عنه ساعة ، قال : «أمّا تحول وجهي عنه لقد نزلت عليه من الحور العين بأيديهم الثمار تلقّمه ، أما رأيتم إلى خضرة شفتيه؟» قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «إنه لم يطعم من خمسة أيام شيئا ، وأما جلستي في قبره فلقد نزلت من الحور العين ، كلّهن قلنا : يا رسول الله زوجنا به ، فما خرجت حتى زوّجته سبعين حوراء» [٧٢٨٥].
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني (٣) ، قال :
توفي عبد الرزّاق بن عبد الله بن الفضيل في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة ، حدث عن أبي بكر عبد الله بن محمّد بن هلال الحنّائي ، وعبد الرّحمن بن أبي نصر ، وعلي بن موسى بن السمسار ، وغيرهم ، وهو آخر من حدّث عن أبي بكر الحنّائي بدمشق.
قال لنا أبو محمّد بن الأكفاني :
توفي شيخنا أبو القاسم عبد الرزّاق بن عبد الله بن الحسين بن الفضيل (٤)
__________________
(١) الجرد ، بالتحريك ، من الأرض : ما لا نبت فيه.
(٢) وقص عنقه يقصها وقصا : كسرها ودقها. والوقص : كسر العنق (راجع تاج العروس بتحقيقنا ، مادة : وقص).
(٣) الأصل : الكناني ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، مرّ التعريف به.
(٤) بالأصل هنا : الفضل ، تصحيف.