السير ، فلحقني ، فسلّمت عليه وسلّم علي ، فقال : أتاك رسول هذا؟ قلت : نعم ، قال : أتاك؟ قال : نعم ، قلت : فيما ذاك ترى؟ قال : تجده اشتهى خلا وزيتا ، يريد الغداء (١) فأحب أن نأكل معه ، قلت : ما أرى ذلك ، وما أظن هذا إلّا لأمر ، قال : فانتهينا إليه ، فدخلنا ، فإذا الربيع واقف عند الستر ، وإذا المهدي ولي العهد في الدهليز جالس ، وإذا عبد الصّمد بن علي ، وداود بن علي ، وإسماعيل بن علي ، وسليمان بن علي ، وجعفر بن محمّد بن علي بن حسين ، وعبد الله بن حسن بن حسن ، والعباس بن محمّد ، قال الربيع : اجلسوا مع بني عمكم ، قال : فجلسنا ، فدخل الربيع وخرج ، فقال للمهدي : ادخل أصلحك الله ، ثم دخل فقال : ادخلوا جميعا ، فدخلنا وسلّمنا وأخذنا مجالسنا ، فقال للربيع : هات دويا (٢) وما يكتبون فيه ، فوضع بين يدي كل واحد منّا دواة وورقا ، ثم التفت إلى عبد الصّمد بن علي فقال : يا عمّ حدّث ولدك ، وإخوتك ، وبني أخيك حديث البرّ والصلة ، فقال عبد الصّمد :
حدثني أبي عن جدي عبد الله بن العباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال :
«إنّ البرّ والصلة ليطيلان الأعمار ، ويعمّران الديار ، ويكثران الأموال ، ولو كان القوم فجّارا» [٧٣٢٤].
ثم قال : يا عم الحديث الآخر ، فقال عبد الصّمد بن علي :
حدثني أبي ، عن جدي عبد الله بن العباس قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم :
«إنّ البرّ والصلة ليخففان سوء الحساب يوم القيامة» ، ثم تلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ)(٣).
فقال المنصور : يا عم الحديث الآخر ، فقال عبد الصّمد بن علي :
حدثني أبي ، عن جدي ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
أنه كان في بني إسرائيل ملكان أخوان على مدينتين ، وكان أحدهما بارا برحمه عادلا على رعيته ، وكان الآخر عاقا برحمه ، جائرا على رعيته ، وكان في عصرهما نبي ، فأوحى الله إلى ذلك النبي أنه قد بقي من عمر هذا البارّ ثلاث سنين ، وبقي من عمر هذا العاق ثلاثون سنة ،
__________________
(١) بالأصل : برد الغداة ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٢) الدّوي بالضم والكسر ج دواة ، وتجمع على : دوى أيضا. (القاموس المحيط).
(٣) سورة الرعد ، الآية : ٢١.