قال : فأخبر ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم رعية هذا ورعية هذا ، قال : فأحزن ذلك رعية العادل ، وأحزن ذلك رعية الجائر ، قال : ففرّقوا بين الأطفال والأمهات وتركوا الطعام والشراب ، وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله عزوجل أن يمتعهم بالعادل ويزيل عنهم أمر الجائر ، فأقاموا ثلاثا ، فأوحى الله عزوجل إلى ذلك النبي : أن أخبر عبادي أن قد رحمتهم وأجبت دعائهم ، فجعلت ما بقي من عمر هذا البار لذلك الجائر ، وما بقي من عمر الجائر لهذا البارّ ، قال : فرجعوا إلى بيوتهم ، ومات العاق لتمام ثلاث سنين ، وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة ، ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ ، إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ)(١).
ثم التفت المنصور إلى جعفر بن محمّد فقال : يا أبا عبد الله حدّث إخوتك ، وبني عمك بحديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم :
«ما من ملك يصل رحمه وذوي (٢) قرابته ويعدل على رعيته إلّا شدّ الله له ملكه ، وأجزل له ثوابه ، وأكرم ما به وخفّف حسابه» [٧٣٢٥].
رواه الخطيب في ترجمة محمّد بن إبراهيم الإمام (٣) ، عن عبد العزيز الأزجي ، عن أبي موسى هارون بن عيسى بن المطّلب الهاشمي ، عن إبراهيم بن عبد الصّمد.
ذكر إبراهيم بن عيسى بن المنصور أن عبد الصّمد ولد بالسّراة (٤) في سنة خمس أو ست ومائة ، وتوفي سنة أربع وثمانين ، وأم عبد الصمد كثيرة (٥).
قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، أخبرني أبو العباس محمود بن محمّد بن الفضل الرافعي ، نا الحسن بن محمّد الصيني ، نا علي بن محمّد المدائني ، قال :
كان أول ما هاج الحرب بالشام في أيام أبي الهيذام المرّي ، والأمير يومئذ على دمشق عبد الصّمد بن علي ، وكثر القتل بين اليمانية والقيسية ، وعزل عبد الصّمد بن علي عن دمشق وقدم إبراهيم بن صالح عاملا على دمشق وهم على ذلك.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو
__________________
(١) سورة فاطر ، الآية : ١١.
(٢) بالأصل : وذوي ، تحريف.
(٣) تاريخ بغداد ١ / ٣٨٥ ضمن أخبار محمد بن إبراهيم الإمام.
(٤) في المختصر ١٥ / ١٢٥ بالشراة ، وفي سير أعلام النبلاء ٩ / ١٢٩ بالبلقاء.
(٥) الأصل : كبيرة ، والمثبت عن سير أعلام النبلاء.