كان في القعدد تناسب ، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، ووقف بالناس يزيد بن معاوية ، ووقف عبد الصمد بعده بمائة سنة ، وهو يناسبه.
وكانت أسنانه قبل أن يثغر (١) قطعة واحدة من فوق ، وقطعة من أسفل ، وكان عمّ المنصور ، وعم أبي المهدي ، وعمّ جد الهادي والرشيد ، وقال للرشيد قائل : يا أمير المؤمنين جمع الله لك في مجلسك هذا : عمك ، وعم أبيك ، وعم جدك ، وكانت قدمه ذراعا بالأسود.
واستخرج عمه حمزة في عام الجرفة ، وكان يلي المدينة ، فسمعت أبا القاسم بن حمدون بن أحمد بن عبد الصمد يذكر عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الصّمد قال : استصرخ الناس على موتاهم عام الجرفة (٢) ، فخرجت وخرج الناس ، فأتيت قبر عمي حمزة عليهالسلام ، وقد كان السيل يكشفه ، فاستخرجته من قبره وعليه النّمرة (٣) التي كفنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بها ، والإذخر (٤) على قدميه ، فوضعت رأسه في حجري فكان كهيئة الرجل ، فأمرت بالقبر فأعمق وضعت عليه أكفانا وأعيد إلى حفرته.
ومات وليس على الأرض عبّاسية إلّا وهو محرم لها ، وهو أعرق (٥) الناس في العمى ، هو أعمى بن أعمى بن أعمى بن أعمى بن أعمى.
قال القاضي : إنه عمي بريشة ، وذلك أنه طرح في بيت فيه ريش ، فطارت ريشة ، فسقطت في عينه ، فذهبت.
وكان له على سطح داره على الأبواب سطح يسمّى البحر ، قال القاضي قد رأيته وصعدت إليه ، وكانت دجلة تجري منه ، وكان حوله جدران ستر وكان مفروشا بالقراميد ، فكان إذا جاء المطر سدّت المجاري وجمع الماء عليه ، ووضع فيه زورق وركب فيه عبد الصّمد يدور في سطحه ، وكانت درجته إلى السطح يركب على حمارته ويصعد به الحمار الدرجة حتى ينزل في السطح.
أخبرنا [أبو الحسن] ابن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن زريق ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٦) ، نا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن جعفر الخالع الشاعر ، أنا أحمد بن الفضل بن خزيمة
__________________
(١) ثغر الصبي يثغر فهو مثغور إذا سقطت أسنانه.
(٢) إعجامها مضطرب بالأصل.
(٣) النمرة : إزار مخطط من صوف.
(٤) الإذخر : نبات طيب الرائحة ، الواحدة إذخرة.
(٥) بالأصل : أعرف ، والأشبه ما أثبت.
(٦) تاريخ بغداد ١١ / ٣٨.