أدلّك على خير مما جئت له ، قال : وما هو؟ قال : تعتزل ما أنت فيه ، قال : فقلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، يستقبل (١) عبد الصمد بهذا؟ قال : فتغير لونه ، وقال : يا أبا عبد الله إنّ أبا جعفر لا يرضى مني بهذا ، فقام فخرج مغضبا ، قال : فقلنا : الآن يرسل (٢) إلينا من يقرننا في القران ، قال : فلم يكن شيء.
أنبأنا الفراوي وغيره ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا محمّد بن عبد الله الحافظ ، حدثني أبو محمّد أحمد بن عبد الله المري ، نا جعفر بن محمّد الفريابي ، نا محمّد بن سعيد الصالحي ، قال : سمعت سيف بن محمّد بن أخت سفيان الثوري يقول :
مرض خالي سفيان ، فعاده عبد الصّمد بن علي وكان سيّد بني هاشم ، فقال لنا سفيان : لا تأذنوا له ، فقلنا : ويمكن ذلك؟ فحوّل وجهه إلى الحائط ، ودخل عبد الصّمد ، فسلّم ، فلم يرد عليهالسلام ، فجلس عبد الصّمد مليا ، فقال : يا سيف أحسب أن أبا عبد الله نائم ، فقال : أحسب ذاك أصلحك الله ، فقال لي سفيان : لا تكذب لست بنائم ، فقال عبد الصمد : يا أبا عبد الله لك حاجة؟ قال : نعم ، ثلاث حوائج : لا تعود إليّ ثانية ، ولا تشهد جنازتي إذا متّ ، ولا تترحم عليّ إذا ذكرت عندك.
قال : فخجل عبد الصّمد وقام ، فلما خرج قال : والله لقد هممت ألّا أخرج إلّا ورأسه معي.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) ، حدثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي ، أنا تمّام بن محمّد بن عبد الله الرازي ، حدثني أبي ، حدثني أبو الحسين علي بن محمّد بن أبي حسان الزيادي ، نا أبو زيد الحارث بن أحمد العبدي ، حدثني الحسين بن شداد ، قال : كان عمر بن حبيب على قضاء الرّصافة لهارون الرشيد ، فاستعدى إليه رجل على عبد الصّمد بن علي فأعداه عليه ، فأبي عبد الصّمد أن يحضر مجلس الحكم فختم (٤) عمر بن حبيب قمطره (٥) وقعد في بيته ، فرفع ذلك إلى هارون ، فأرسل إليه فقال : ما منعك أن تجلس للقضاء؟ فقال : أعدي على رجل فلم يحضر مجلسي ، قال : ومن هو؟ قال
__________________
(١) المعرفة والتاريخ : تستقبل.
(٢) الأصل : مرسل ، والمثبت عن المعرفة والتاريخ.
(٣) الخبر في تاريخ بغداد ١١ / ١٩٧ ضمن أخبار عمر بن حبيب العدوي.
(٤) الأصل : فحتم ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٥) الأصل : خطره ، والمثبت عن تاريخ بغداد ، والقمطر والقمّطر : هو مكان تصان فيه الكتب.