ادخل ، فدخلت ، فجلست عند شاذكونته (١) وهو يصلي ، فانتفض كأنه قصبة من لدن ظفره إلى شعره ، فظننت أنه مرّ مائة ثم ركع ، فأتاني فقال : ما لك؟ فقلت : ليس أحد أعلم بولد الرجل منه ، وإنك تصنع يا ابن الحارثية ما لا تصنع بنا فلست آمن أن يقال : ما هذا إلّا من شيء تواه عنده ولا تراه عندنا ، فقال : أعلّمك هذا أحد؟ فقلت : لا ، قال : فأعد علي ، فأعدت عليه ، فقال : ارجع إلى بيتك فرجعت ، فكنت أنا وإبراهيم ، وعاصم ، وعبد الله نبيت جميعا ، فإذا نحن بفراش ... (٢) وتبعه ابن الحارثية ، فقلنا : ما شأنك؟ قال : شأني ما صنعت بي ، قال نعيم : كأنه خشي أن يكون جورا ، قال عبد العزيز : وكان عمر قلّ ما يفارق فاه : ما شاء الله.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو الفضل بن ناصر قالا : أنا محمّد بن أحمد بن محمّد ـ إمام جامع الأنبار ـ نا محمّد بن الحسين بن يوسف الأصبهاني ، نا محمّد بن أحمد بن عبد الله النّقوي (٣) ، نا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد الدّبري ، أنا عبد الرزاق بن همّام ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني إبراهيم.
أن (٤) عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أخبره أن (٥) محمّد بن أبي (٦) سويد أقامه للناس وهو غلام بالطائف في شهر رمضان يؤمّهم ، فكتب بذلك إلى عمر يبشّره ، فغضب عمر وكتب إليه : ما كان نولك (٧) أن تقدّم للناس غلاما لم تجب عليه الحدود.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني (٨) ، أنا أبو محمّد الشاهد ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة ، قال (٩) :
قال محمّد ـ يعني ابن أبي عمر ـ قال سفيان : قلت لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز : ما كان أكثر دعاء أبيك؟ قال : لا أدري ، قلت : فأيّ شيء كان أبوك يقول إذا نزل عن المنبر؟ قال : لا أدري ، قلت (١٠) : كنت أظن أنك أعلم بحديث أبيك من هذا ، قال : كنا أغيلمة وكنا ندخل مع المسلمين.
__________________
(١) الشاذكونة : بفتح الذال ثياب غلاظ مضرية ، تعمل باليمن (القاموس المحيط ، وانظر تاج العروس بتحقيقنا : مادة : شذن).
(٢) بدون إعجام ورسمها : «تجعل؟؟؟» وتقرأ في م : يحمل.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ١٤١ والأنساب (النقوي).
والنقوي بفتح النون والقاف ، نسبة إلى نقو ، قال السمعاني : وظني أنها قرى صنعاء اليمن (الأنساب) ذكره.
(٤ و ٥) في م : بن.
(٦) «أبي» ليست في م.
(٧) أي أن عملك هذا لم يكن صوابا ، وما كان ينبغي لك القيام به.
(٨) في م : الكناني ، تصحيف.
(٩) تاريخ أبي زرعة الدمشقي ١ / ٥٦٨ ـ ٥٦٩.
(١٠) بالأصل وم : قال.