ودّعناه بكينا ، فقال لنا : تبكون؟ فقلنا : نبكي لما فقدناه من علمك ، وعدمناه من فوائدك ، فقال : تقولون هذا وعندكم عبد الغني بن سعيد وفيه الخلف.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو النّجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي ، نا أبو ذرّ عبد بن أحمد ، قال عبد العزيز : وأجازه لي أبو ذرّ ، قال : وسمعت أبا بكر البرقاني يقول :
ما رأيت بعد أبي الحسن الدارقطني أفهم بالحديث من عبد الغني الحافظ.
وسمعت عبد الغني يقول (١) :
لما رددت على الحاكم أبي عبد الله : «الأوهام في مدخل الصحيح» (٢) بعث إليّ يشكرني ويدعو لي ، فعلمت أنه رجل عاقل.
قال : وكتب عبد الغني من حفظي الحديث الموقوف : لا والذي زين بني آدم باللحى في ذكر الخليل بن أحمد.
وقال : لم يكن عندي لهذا الخليل شيء ، ولم أسمع هذا الحديث قطّ إلّا الآن.
قال أبو ذرّ : ولم يسهل الله عزوجل أن أكتب عنه وكان يندم.
آخر الجزء التاسع بعد الثلاثمائة من الأصل.
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي (٣) ، أنا أبو بكر الخطيب ، حدثني أحمد بن محمّد الخوارزمي المعروف بأبي بكر البرقاني ، وكان قد خرج إلى مصر بسبب ميراث من ابن له مات بها ، واجتمع مع عبد الغني بن سعيد ، قال :
كنت أسمع عبد الغني كثيرا إذا حكى عن أبي الحسن الدارقطني شيئا يقول : قال أستاذي ، وسمعت أستاذي ، فقلت له في ذلك ، فقال : وهل تعلّمنا هذين الحرفين من العلم إلّا من أبي الحسن.
قال البرقاني : وما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني بن سعيد (٤).
__________________
(١) سير أعلام النبلاء وتذكرة الحفاظ.
(٢) في تذكرة الحفاظ : الأوهام التي في المدخل إلى الصحيح.
(٣) الأصل وم : المحلى ، تصحيف.
(٤) سير أعلام النبلاء ١٧ / ٢٧٠ وتذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٤٨ ـ ١٠٤٩.