وبريطانيا العظمى لا ترغبان في وضع نظامات خاصّة لحكومات هذه الأقطار بل لا همّ لهما إلّا أن تضمنا مساعدتهما ومعاونتهما الفعليّة سير أمور هذه الحكومات والإدارات التي يختار السكّان الوطنيّون سيرا معتدلا وأن تضمنا سير العدل الشامل الخالي من شوائب المحاباة وأن تساعدا التقدّم الاقتصادي بأنّها من همم الأهلين وتشجيع مشاريعهم وأن تساعدا على تعميم التعليم والتهذيب.
وهذه التصريحات والمناشير أقامت العراقيّين وأقعدتهم وهيّجت فيهم الحماس الوطني وحرّكتهم على المطالبة بحقوقهم المغدورة فعقدت النوادي السرية في مبدأ الأمر ونظمت جمعيّات مختلفة في سبيل طلب الاستقلال ، وعيّنت رجال للنيابة عن الشعب في مواجهة الحاكم العام السياسي ، فلمّا اجتمعوا عنده أجابهم بالتسويفات والأماني ، إل أن قال الحاكم العام السياسي أنّ سياسة الإنكليز في العراق تبدّلت وإنّها لم تبرح من سلطتها واحتلالها وحكمها العسكري الاستعماري وقد حقّق هذه الإذاعة أنّهم عيّنوا لكلّ بلد من البلدان العراقيّة ضابطا عسكريّا بصفته حاكما سياسيّا وقد عاملوا الأهلين بكلّ ما لديهم من شدّة وسوء سيرة ، وأوصلوا لهم أنواع الاحتقار والأذى ، فقاسوا أصناف البلاء والاضطهاد وقد قضت أعمالهم القاسية على الأماني وخيّبت كلّ رجاء وأمل.
ثمّ إنّ القائد البريطاني أرسل إلى الحكّام السياسيّين في الألوية العراقيّة بتاريخ الخامس والعشرين من صفر سنة ١٣٣٧ أسئلة ثلاثة :
الأوّل : هل ترغبون بتأليف حكومة عربيّة مستقلّة تحت الوصاية الإنكليزيّة فيمتدّ نفوذها من أعالي شمال الموصل إلى خليج البصرة؟
الثاني : هل ترغبون يرأس هذه الحكومة أمير عربيّ؟
الثالث : من هو الأمير الذي تختارونه لرئاسة هذه الحكومة؟
فلمّا عرفوا مقاصد البريطانيّين وانكشف لهم المخبأ ، أصدر الإمام الشيرازي