المرحوم الميرزا محمّد تقي قدسسره فتواه بعدم جواز انتخاب غير المسلم للقضيّة ، فكان لفتواه أثر عظيم في نفوس العراقيّين فلم يتجاوزوا عن فتواه ورأيه الصائب بما أنّ المجتهدين من علماء الشيعة الإماميّة مرجع أبناء هذه الطائفة قاطبة وهم يعتقدون أنّ علمائهم نوّاب الأئمّة الأطهار عليهمالسلام فلا يخالفون لهم فتوى ولا أمرا من الأمور ، واهتمّ القائد البريطاني (الكولونيل ولسن) بمدينة النجف وقصدها بنفسه ليقف على آراء النجفيّين ومن جاورهم من زعماء القبائل فعرف أنّهم لا يروا إلّا بحكومة عربيّة وطنيّة مستقلّة استقلالا تامّا وليس للأجنبي أن يختار لهم حاكما ، واتفقت كلمتهم على أحد أنجال الشريف حسين الحجازي على أن يكون مقيّدا بمجلس تشريعي ، وكتبوا مضبطة موّقعة بتوقيعات العلماء والأشراف والزعماء أشهرهم الإمام الشيرازي الميرزا محمّد تقي والحجّة شيخ الشريعة الإصبهاني ، فغضب الحاكم البريطاني من هذا التفصيل وأحسّ بتفاقم الأمر وحراجة الموقف فأوعز إلى زعماء الشاميّة بالخروج عن النجف إلى الكوفة وطلب منهم الجواب عن الأسئلة المذكورة هناك خوفا من أن تستولي على أفكارهم الفكرة النجفيّة الوطنيّة ، فخرجوا إلى الكوفة وأجابوه بعين الجواب المذكور.
فلمّا رأى بعض النابهين المتنوّرين من أهالي النجف أنّ الإنكليز لم يصغ إلى أيّ صوت ونداء سعوا في عقد جلسات سرّيّة في النجف وانتخبوا بعض علمائهم السياسيّين وكتبوا مضبطة موقّعة بتوقيعاتهم في الثامن عشر من شهر رمضان سنة ١٣٣٨ نصّها :
«نحن عموم أهالي النجف الأشرف ؛ علماؤها وأشرافها وأعيانها وممثّلي الرأي العام فيها قد انتدبنا علمائنا وأشرافنا ووجهائنا السياسيّين لأن يمثّلونا تمثيلا صحيحا قانونيّا أمام حكومة الاحتلال في العراق وأمام عدالة الدولة الحرّة الديموقراطيّة التي جعلت من مبادئها تحرير الشعوب وقد خوّلناهم أن يدافعوا عن