المقدس ، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام وخرج من ذنوبه حتّى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمّه ، ابشر وبشّر أولياءك ومحبّيك من النعيم وقرّة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ولكن حثالة من الناس يعيّرون زوّار قبوركم كما تعيّر الزانية بزنائها ، أولئك شرار أمّتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ولا يردون حوضي.
قال الله تعالى : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(١) ولا شكّ أنّ العمارة على قبورهم وزيارتهم من أعظم شعائر الله ورعاية للحقّ وإبقاء لآثارهم وكسر لشوكة أعدائهم وإرغام لآناف المشركين ، وتبيّن من الحديث المشار إليه أنّ مرقد العسكريّين عليهماالسلام بقعة من بقاع الجنّة وعرصة من عرصاتها وأنّ زوّارهما من نجباء خلقه وصفوة عباده المختصّين بشفاعة النبيّ صلىاللهعليهوآله الزائرين له في الجنّة الواردين حوضه ، وتبيّن أنّ عمارة مشهدهما من أعظم شعائر الله ، وتبيّن أنّه من أنكر زيارتهما أو عيّر زوّارهما فهو من شرار خلق الله ومحروم من الشفاعة وورود الحوض وهو من أرذل الناس لأنّ التعيير بالحثالة يشهد بذلك وهو الرديء من كلّ شيء.
وقد استدلّ بعض المحقّقين لوجوب العمارة على قبورهم بقوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)(٢) قال : إنّ الآية فيها إشعار بأنّ التوجّه إلى هؤلاء الأئمّة والاقتداء بهم والاستنان بسنّتهم هو البرّ فيعبد الله تبارك وتعالى ويتقرّب إليه بالتأسّي بهم ومحبّتهم والتقرّب اليهم والايتمام بهم وإطاعة أوامرهم وتذكّر أحوالهم وحضور مشاهدهم ، فإنّ كلّ ذلك
__________________
(١) الحجّ : ٣٢.
(٢) البقرة : ١٧٧.