الأنبياء ثمّ إلى زمن سليمان ، فهل ذلك شيء اخترعتموه أنتم من قبل أنفسكم أم لكم على ذلك بيّنة وبرهان؟ فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
فقالوا : قد علمنا ذلك من كلام الأنبياء من بعد موسى عليهالسلام وكتبهم وتفسير علمائنا للتوراة.
فقال لهم أيّده الله : إنّ الأنبياء من بعد موسى عليهالسلام كلّهم على شريعته متّبعون له في أحكامه ، يحكمون بما في التوراة ، لا يزيدون عليها شيئا ولا ينقصون ، وأيضا فإنّكم معاشر اليهود لا تجيزون النسخ في الشرايع فكيف جاز لكم إحداث هذه الأشياء التي لم تكن في زمن موسى عليهالسلام؟ وكيف جاز لعلمائكم تفسير التوراة بما هو خارج عن شريعة موسى عليهالسلام؟ وكيف ادّعيتم على الأنبياء أنّهم وضعوا هذه الشرايع الخارجة عن التوراة؟
فبهتوا من هذا الكلام وانقطعوا وعجبوا من غزارة علمه واطّلاعه على حالهم ووقوفه على مذهبهم ومقالهم ، ثمّ جسر واحد منهم فقال : نحن نقول : ما كان في زمن موسى صلاة فما الذي يلزمنا إن قلنا بذلك؟
فقال لهم أيّده الله تعالى : أنتم الآن أقررتم أنّ الصلاة ثابتة في جميع الشرايع فكيف تخلو منها شريعة موسى عليهالسلام التي هي عندكم من أعظم الشرايع وأتمّها؟ ومع ذلك فما الذي دعاكم إلى تجشّم فعل هذه الصلاة التي لم تكن في زمن نبيّكم ولا أتى بها كتابكم؟
فانقطعوا عن الجواب وخجلوا ، وضحك كبيرهم ممّا اتفق من معارضاتهم ومناقضاتهم في مجلس واحد ، ثمّ قال : ليس في القرآن تفصيل الصلاة التي تصلّونها أنتم يا معشر المسلمين فكيف عرفتم ذلك مع خلوّه منه؟
فأجاب أيّده الله تعالى وقال : إنّ الصلاة مذكورة في عدّة مواضع من القرآن وعلمنا سائر أحكامها وشرائطها من البيّنات النبويّة والأخبار المتواترة ، فلسنا