نحن وأنتم في هذا الأمر سواء إن كنتم تفقهون.
ثمّ قال أيّده الله تعالى : إنّ التوراة قد اشتملت على أحكام كثيرة لا تعملون بها الآن كأحكام التنجيس والتخلّي والتطهير بمغيب الشمس وغيره عند مسيس الذائب والحائض والمنزل والأبرص وجملة من الحيوانات وسراية الحيض من النساء إلى الرجال فيحيض الرجل بمسّهنّ سبعة أيّام كحيضهنّ ، وقد اشتمل على هذه الأحكام الفصل التاسع والعاشر والحادي عشر من السفر الثالث ، وفي مواضع أخر من التوراة فارجعوا إليها إن كنتم لا تعلمون.
فقالوا : نعم ، كلّ ذلك حقّ وكلامكم على العين وفوق الرأس.
فقال لهم أيّده الله تعالى : فلم لا تعملون بذلك وهو مذكور في نصّ التوراة التي تدّعون أنّها هي التي أنزلت على موسى عليهالسلام من غير تحريف ولا تبديل ، والحكم فيها عامّ لجميع الناس ، شامل لجميع الأزمنة ، ولم يقع فيها نسخ ، ولا أتى من بعد موسى عليهالسلام نبيّ ناسخ لشريعته غير عيسى ومحمد صلّى الله عليهما وأنتم لا تقولون لا بنبوّتهما ولا بنسخ شريعة موسى عليهالسلام في حال من الأحوال؟
فقالوا : إنّ هذا كلّه من باب الأوامر والأمر يجوز تغييره بحسب الأزمنة بخلاف النهي ، والأمر لجلب الثواب والنهي لدفع العقاب ، فاختلفا.
فقال أيّده الله تعالى : لا فرق بين الأمر والنهي في وجوب الطاعة والاتّباع ، وامتناع النسخ بغير ناسخ ولا داع ، والأمر إذا كان للإيجاب فهو كالنهي لدفع العقاب مع جلب الثواب ، وما ادّعيتم أنّ جميع هذه الأحكام من باب الأوامر فليس كذلك فإنّ عبارات التوراة في تلك المقامات قد جاءت بلفظ الأمر وغيره كالنهي والتحريم والنجاسة والطهارة ، فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين.
فانتقلوا من هذا البحث إلى غيره ، وقال كبيرهم : كيف لا تحكمون يا معاشر