أكيدة زاد عليها قريبا من خمسة عشر تومانا ونسيت أن أجعل لها حيلة شرعيّة ، فوفّقت للزيارة.
فلمّا دخلت سامرّاء رأيت فيها العالم الزاهد الجليل المولى زين العابدين السلماسيّ مشغولا بعمارة الروضة البهيّة وكانت بيننا صداقة تامّة وبقيت أيّاما وكنت أبيت الليل في الحضرة المقدّسة وأشتغل بالزيارة والعبادة ، ولمّا كانت ليلة الجمعة أخذت معي كتاب الكافي للكليني رحمهالله فبقيت فيه وأغلق الكليدار أبواب الحضرة الشريفة وكنت مشغولا بعملي من الزيارة والصلاة والمطالعة في زمان الكلالة ، فلمّا كان آخر الليل غلبني النوم فدافعته فلم يندفع ، فقمت وأتيت إلى الزاوية التي تلي الرجلين وقعدت متّكئا على الحائط وهجعت فرأيت من حينه أنّ الإمام أبا محمّد الحسن العسكري عليهالسلام قد خرج من الضريح المقدّس ووضع كرسيّ هناك وجلس عليه والنور يتلألأ من بين عينيه بحيث لم أقدر على النظر إليه وقال لي : ما هذا الكتاب؟ فقلت : أصول الكافي ، فقال عليهالسلام : عدّ منه أوراقا ثمّ انظر في الصفحة اليسرى واقرأه لتنظر ما يقول جدّي في حقّ جدّنا إبراهيم عليهالسلام ، قال : وذكر كلاما آخر نسيته ، ثمّ قال : ألم أعهد إليك قبل ذلك بسبع سنين أنّه لا يحلّ التصرّف في مثل هذه الدراهم فكيف حالك إن حميت جميعها ووضعت على بدنك ، ثمّ قال : قم فإنّ الكليدار جاء واشتغل بفتح الأبواب.
قال : فانتبهت فزعا ووثبت من مكاني دفعة من رعب دخل عليّ بحيث سقطت عمامتي عن رأسي فلم ألتفت إليها وذهبت إلى قريب الباب فسمعت حركة المفتاح واشتغال الكليدار بفتح الباب ، فوقفت هنيئة فالتفتّ أنّ رأسي مكشوف ، فقلت : لو يروني على هذه الحالة لقالوا إنّه لمجنون ، فرجعت ووضعت العمامة على رأسي وخرجت من الروضة المقدّسة خائفا خجلا ، وتائبا متبصّرا ، والحمد لله.