عدم سرور الإمام عليهالسلام بولادته
روى الصدوق رحمهالله في الإكمال ، وعليّ بن عيسى الأربلي في كشف الغمّة ، والعلّامة المجلسي في البحار بالأسانيد عن فاطمة ابنة الهيثم المعروف بابن سبانة قالت : كنت في دار أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكري عليهماالسلام في الوقت الذي ولد فيه جعفر ، فرأيت أهل الدار قد سرّوا به ، فصرت إلى أبي الحسن عليهالسلام فلم أره مسرورا بذلك ، فقلت له : يا سيّدي ، ما لي أراك غير مسرور بهذا المولود؟ فقال عليهالسلام : هوّني عليك فإنّه سيضلّ خلقا كثيرا.
__________________
ـ زيد وأصحابه ، فأراد رجل من أهل المجلس أن يتكلّم في زيد ، فقال عليهالسلام : مهلا ، ليس لكم أن تدخلوا بيننا إلّا بسبيل خير ، إنّه لم تمت نفس منّا إلّا تدركه السعادة قبل أن تخرج نفسه ولو بفواق ناقة. قال : قلت : وما فواق ناقة ، قال حلابها.
وروى المجلسي في المجلّد الثاني عشر من البحار عن تاريخ قم للحسن بن محمّد القمّي ، قال : رويت عن مشايخ قم أنّ الحسين بن الحسن بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليهالسلام كان بقم يشرب الخمر علانية ، فقصد يوما لحاجة باب أحمد بن إسحاق الأشعري ، وكان وكيلا في الأوقاف بقم ، فلم يأذن له ورجع إلى بيته مهموما ، فتوجّه أحمد بن إسحاق إلى الحجّ فلمّا بلغ سرّ من رأى استأذن على أبي محمّد الحسن العسكري عليهالسلام فلم يأذن له ، فبكى أحمد لذلك طويلا وتضرّع حتّى أذن له ، فلمّا دخل قال : يابن رسول الله ، لم منعتني الدخول عليك وأنا من شيعتك ومواليك؟ قال : لأنّك طردت ابن عمّنا عن بابك ، فبكى أحمد وحلف بالله أنّه لا يمنعه من الدخول إليه إلّا أن يتوب من شرب الخمر ، قال : صدقت ولكن لا بدّ من إكرامهم واحترامهم على كلّ حال ، وأن لا تحقّرهم ولا تستهين بهم لانتسابهم إلينا فتكون من الخاسرين.
فلمّا رجع أحمد إلى قم أتاه أشرافهم وكان الحسين معهم ، فلمّا رآه أحمد وثب إليه واستقبله وأكرمه وأجلسه في صدر المجلس ، فاستغرب الحسين ذلك منه واستبعده وسأله عن سببه ، فذكر له ما جرى بينه وبين العسكري عليهالسلام في ذلك ، فلمّا سمع ذلك ندم من أفعاله القبيحة وتاب منها ورجع إلى بيته وأهرق الخمور وكسر آلاتها وصار من الأتقياء المتورّعين والصلحاء المتعبّدين ، وكان ملازما للمساجد معتكفا فيها حتّى أدركه الموت ودفن قريبا من مزار فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهالسلام.