ومركّباتها ، وإخباراتها وإنشائاتها بحيث لا يشذّ عنها شيء منتقشة في اللوح ، والفايض منه على الملائكة والنفوس العلويّة والنفوس السفليّة قد يكون الأمر العامّ المطلق أو المنسوخ حسب ما تقتضيه الحكمة الكاملة من الفيضان في ذلك الوقت ، ويتأخّر البيان إلى وقت تقتضي الحكمة فيضانه فيه ، وهذه النفوس العلويّة وما يشبهها يعبّر عنها بكتاب المحو والإثبات ، والبداء عبارة عن هذا التغيير في هذا الكتاب.
ثمّ قال المجلسي رحمهالله بعد ذكره هذه الأقوال : هذا ما قيل في هذا الباب ، وقد قيل فيه وجوه أخر لا طايل في إيرادها ، والوجوه التي أوردناها بعضها بمعزل عن معنى البداء ، وبينهما كما بين الأرض والسماء ، وبعضها مبنيّة على مقدّمات لم تثبت في الدين بل ادّعي على خلافها إجماع المسلمين ، وكلّها يشمل على تأويل نصوص كثيرة بلا ضرورة تدعو إليه ، وتفصيل القول في كلّ منها يفضي إلى الإطناب ، ولنذكر ما ظهر لنا من الآيات والأخبار بحيث تدلّ عليه النصوص الصريحة ولا تأبى عنه العقول الصحيحة ، ثمّ ساق الكلام الذي تقدّم بطوله.
ولقد أجاد العلّامة الحجّة الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه (أصل الشيعة وأصولها» ، قال دام وجوده : وممّا يشنّع به الناس على الشيعة ويزدري به عليهم قولهم بالبداء تخيّلا من المشنّعين أنّ البداء الذي تقول به الشيعة هو عبارة عن أن يظهر ويبدو لله عزّ شأنه أمر لم يكن عالما به ، وهل هذا إلّا الجهل الشنيع والكفر الفظيع لاستلزامه الجهل على الله تعالى وأنّه محلّ للحوادث والتغيّرات فيخرج من حظيرة الوجوب إلى مكانة الإمكان ، وحاشا (الإماميّة) بل وسائر فرق الإسلام من هذه المقالة التي هي عين الجهالة بل الضلالة ، اللهمّ إلّا ما ينسب إلى بعض المجسّمة من المقالات التي هي أشبه بالخرافات منها بالديانات ، حتّى قال بعضهم فيما نسب إليه : اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عمّا شئتم.