وكانت قبل ذلك خانا ينزل فيه الزوّار وقد اشتراه قدسسره من الحاج عبد الكريم كبّه البغدادي ولم يكن فيه أكثر من تسع عشرة حجرة ، فلمّا اشتراه قدسسره جعله مدرسة وشرع في عمارتها وتوسيعها سنة ١٢٢١ وأحدث فيها ٧٥ حجرة وأضاف إليها مدرسة أخرى ملاصقة بها من جهة شرقها ، وبنى فيها خمس عشرة حجرة وكانت المدرسة أكبر مدارس الإماميّة في العراق متقوّمة بطبقتين ساحتها من طرف الشمال إلى الجنوب لا تقلّ عن خمسين خطوة ، ومن الشرق إلى الغرب أربع وأربعون خطوة ، ولا يقلّ ارتفاعها عن سبعة أمتار ، وفيها ثلاثة سراديب ، فلمّا كملت عمارتها أسكن فيها أكثر من مائتي طالب علم ، وعيّن لكلّ واحد منهم راتبا شهريّا بحسب حاله وما يكفيه في معاشه. ثمّ عمّر حمّاما للرجال وحمّاما للنساء ، وبنى دارا يقام فيها المآتم الحسينيّة ، ودرّ المعاش على كثير من فقراء السنّة وبنى دورا لنفسه ومتعلّقيه وعقد جسرا على شطّ سامرّاء أنفق عليه ألف ليرة ذهبيّة عثمانيّة ، وبنى سوقا كبيرا فأخذت سامرّاء أهمّيّتها العظمى في أنظار العالم الإسلامي وصارت مركزا مهمّا علميّا ومحطّا لرحال كبار العلماء.
أخلاقه الجميلة
قال شيخنا العلّامة في هدية الرازي : كان قدسسره في مدّة رئاسته لا يباري في أخلاقه وحسن ملاقاته للناس وحلاوة لسانه ، يعطي من لاقاه حقّ ملاقاته حسب ما يليقه بمقامه ولا يفارقه إلّا وهو في كمال السرور والرضا منه ، وكان يضرب به المثل في أخلاقه السامية ، وكان في رحابة الصدر بحيث تتكاثر عليه الزوّار والواردون وفيهم الصالح والطالح والخبيث والطيّب والمؤمن والمنافق ، وكلّ يتكلّم على شاكلته فلم يسمع منه كلمة سوء لأحد منهم ولا يعبس في وجه أحد قطّ ، ولا جازى