فأحببت إيراد بعض عبارتها المهمّة التي لها دخل في المقصود ، قال ما تعربيه :
لمّا استولت دول الأجانب على بلاد إيران جعلوا يتربّصون الدوائر حتّى أخذوا امتيازات كثير من أجناسهم وأطعمتهم فعطّلت أسواق التجارات من جرّاء ذلك ، وكثر الحزن في مكاسبهم ، فآل أمرهم إلى الفقر والمسكنة وبطلت مصانع منسوجاتهم ومعامل سكّرهم ، ثمّ لم يقنع الأجانب بذلك فجعلوا يفسدون أخلاقهم ويعيّرون علماءهم ويزيّنون للجهّال معارفهم ، ولا ريب أنّ النفوس ميّالة إلى اللهو واللعب ، والناس إلى أمثالهم أميل ، والمجالسة مؤثّرة ، والمخالطة تورث المحبّة ، والمحبّة تورث الاتحاد في اللباس والمآل والمشارب والعلوم والمعارف وجميع الآداب والرسوم ، فيؤول حينئذ أمر المسلمين إلى الفناء والزوال.
وكان الأجانب يرسلون في كلّ سنة عدّة من أبنائهم إلى إيران فيدخلون أنفسهم في مكاسبهم بكلّ حيلة ومكيدة حتّى مهنة التجارة والخياطة والعمارة والصياغة وغيرها ، وكان الأمر كذلك إلى أن سافر السلطان ناصر الدين شاه إلى لندن في سنة ١٣٠٦ فاستقبلوه في موكب عظيم واحتفلوا به وبذلوا جهدهم في إكرامه واحترامه اللائق به وهو غافل عن مقاصدهم وما يريدون منه ، ثمّ احتفلوا به في محفل كبير وقالوا له : إنّ امتياز التتن والتنباك نستدعيه منكم مدّة خمسين سنة بشروط نقوم بها :
الأوّل : نرسل في كلّ سنة خمسة عشر ألف ليرة إلى خزينتكم سواء ربحنا أو خسرنا ، وهذا المبلغ نؤدّيه كلّه في مدّة خمسة أشهر.
الثاني : يجب على أولياء الحكم في جميع بلاد إيران إجبار الزارعين بإعطاء التعهّدات لنا وأنّ كلّ ما يزرعون من التتن والتنباك لا يجوز لهم بيعه وشراؤه وتضمينه إلّا بإذن صاحب الامتياز ، وليس لأحد إصدار الإجازة بذلك إلّا من صاحب الامتياز وليس للبايع والمشتري أن يعامل بغير دفتر الإجازة ومن فعل ذلك فعليه المجازاة.