أوّلا : إنّ إيران حالها في هذا اليوم ليس كحالها في الأمس فيجب على سلطانها أن يحفظ استقالها وهذا لا يتمّ إلّا بإظهار المودّة مع الدول القويّة.
وثانيا : دفع الفاسد بالأفسد أمر راجح.
وثالثا : خراج إيران الذي يعرف باسم الماليات لا يفي بمصالح الملك فليس لنا بدّ عن أمثال هذه المعاملات مع الأجانب ليتمّ به مصالح المملكة.
ورابعا : لا يجوز للسلطان إذا ختم بخاتمه في دفتر المعاملة أن ينقضه.
وخامسا : لا يمكن الفسخ والابطال فيها لأنّها تحوّلت إلى أيد قويّة من دول أروبا وكيف يمكن للسلطان مع ضعفه أن ينازع الأقوياء.
وسادسا : على فرض إمكان السلطان من فسخ هذه المعاملة وإبطالها فإنّه يحتاج إلى مصارف كثرة لا يمكننا تحصيل عشرها.
فأرسل السلطان الكتاب إلى قنصله في بغداد وكتب له بأن يسافر إلى سرّ من رأى حاملا معه الكتاب ويبذل جهده في إرضاء الإمام الشيرازي ، ففعل القنصل فلم يقبل قدسسره هذه المعاذير وأجاب عن كلّ واحد منها وأبرق للسلطان برقيّة ثانية وكتب كتابا ثانيا أدلى فيه ببراهين قاطعة أخطاء هذه المعاملة الفاسدة فكتب في آخر الكتاب : إن عجزت الدولة عن الجواب فلسنا بعاجزين ، وإن لم تقدر أن تجيب الخصم وتطالب بحقوق الملّة فخلّ بيننا وبينه ، ثمّ في خلال ذلك صدر الأمر من رئيس أصحاب الامتياز بجمع التنباك الموجود في جميع ممالك إيران وشرائه.
فوقع التشاجر والتنازع في القيمة ومقدار الثمن وما ادّخره بعض لحجّة أو لغرض آخر حتّى أنّ أحد التجّار كان له اثنا عشر ألف كيس من التنباك فجاء إليه أصحاب الامتياز لابتياع ذلك فلم يرض البايع بما عيّنه صاحب الامتياز من الثمن فاستمهله لغد ، فلمّا خرج أصحاب الامتياز من عنده أخرج أكياس التنباك في فضاء وصبّ عليه النفط وأحرقه جميعه ، فلمّا أصبحوا جاؤوا إليه وطالبوه