بالأكياس فقال : بعته بأغلى الثمن ، فاستشاطوا غضبا وقالوا له : كيف بعته من غير إذن منّا؟ فذهب بهم إلى تلّ رماد وقال : بعته غيرة للدين فافعلوا الآن ما شئتم.
فكثر الاضطراب بين الناس واشتدّ الأمر على الزرّاع وضاق الأمر على الرعيّة لكثرة ما حمّلوهم من التكاليف الشاقّة الضارّة لدينهم ودنياهم واتصل بأصحاب الامتياز كثير من الدجّالين الذين يريدون التقرّب إليهم ويدّعون أنّهم من المسلمين فكانوا يدلّونهم على أعراض الناس ونواميسهم وما ادّخروا من التنباك ، وجعلوا يصرفون عوام الناس عن إطاعة العلماء فاضطهد أهل الدين وكانوا يجندون السفور لبنات المسلمين وينصبون الكراسي في المعامل الإسلاميّة ليجلسوا وينظروا إلى بنات المسلمين اللائي يشتغلن في المعامل وهنّ سافرات ووقع من أمثال ذلك ما لا يحيط بيانه القلم.
فلمّا رأى العلماء في أصبهان أنّ البليّة قد عمّت البلاد امتنعوا عن استعمال التنباك وبيعه وشرائه فوافقهم أهل الدين وانتشر الخبر فهدّدوهم بإرسال المدافع إلى بيوتهم وتخريب مساكنهم غير أنّ العلماء لم يكترثوا بهذه التهديدات غيرة للدين فآل أمرهم إلى النفي والإخراج ، فخرج بعضهم خفية وبعضه جهرا إلى سرّ من رأى واستغاثوا برئيس الشيعة الإمام المجدّد رحمهالله ، فلمّا رأى أنّه قد تفاقم الأمر وانتهى الأمر إلى هذه النتيجة السيّئة التي لا يرضى الله ورسوله كتب مصدّرا فتواه التي رنّ صداها في العالم الإسلامي لا سيّما في إيران فكان نصّ تعريبها بعد البسملة : «اليوم استعمال التنباك والتتن حرام بأيّ نحو كان ومن استعمله كمن حارب الإمام عجّل الله فرجه» ، ونصّها بالفارسيّة : «بسم الله الرحمن الرحيم ، امروز استعمال تنباكو وتتن در حكم محاربه با امام زمان عليهالسلام است ، حرّره الأحقر محمّد حسن الحسيني» فأرسل صورة الفتوى إلى أكبر علماء طهران الحاج ميرزا محمّد حسن الآشتياني قدسسره.
وفي أواخر شهر ربيع الثاني سنة ١٣٠٩ أقام أصحاب الامتياز الأجانب في