حدّثني الأستاذ الشيخ محمّد طه نجف وقال : حدث في ركبتي خراج عجز الأطبّاء عن معالجته فاضطررت إلى السفر لبغداد للمعالجة وكنت في غاية الفاقة والشدّة ، فلمّا دخلت بغداد بقيت سنتين فبرأ الخراج ، فلمّا أردت الرجوع إلى النجف عزمت على زيارة العسكريّين عليهماالسلام فبعد تشرّفي إلى الروضة البهيّة خاطبتهما بقصيدة منها :
يا أباة الضيم ما هذا السكوت |
|
عن عبيد كان من همّ يموت |
وذلك لشدّة ضيق صدري في تلك الأيّام من ملاحظة حالي وأنّه قد أفنيت عمري في القيل والقال وما حصلت شيئا يفيدني وضاقت عليّ الدنيا لعدم اليسار فكأنّي أرى نفسي قد خسرت الدنيا والآخرة. فبينما أنا كذلك رأيت في بعض الليالي وأنا بين النوم واليقظة هاتفا يهتف بصوت عال ، فانتبهت من النوم فإذا هو يقول : «ونريد» فظننت أنه يتلو الآية الشريفة ويخاطبني بها عظة وتسلية لنفسي ، ثمّ غلبني النوم إلى أن انتبهت للصلاة ، وفي صبيحة تلك الليلة شرّفنا سيّدنا الإمام الشيرازي قدسسره بقدومه في منزلنا فجلس مقدارا نتحادث ثمّ سكت هنيئة ما يقرب من خمس أو أربع دقائق فجعل ينظر في وجهي ثمّ تلا بعد البسملة الآية الشريفة : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً)(١) إلى آخر الآية ، فعند قراءته تذكّرت ما سمعته من الصوت عند النوم ، قال الشيخ الراضي : قلت : يا شيخنا ، ما ذكرت ذلك للمرحوم؟ قال : لا.
أقول : وقد نال الفقيه الشيخ محمّد طه درجة سامية في الرياسة العلميّة وصار مرجعا عامّا في التقليد تصديقا للآية الشريفة ، هكذا فليكن ورثة الأئمّة عليهمالسلام ودعاة الدين وناشروا ألوية شريعة سيّد المرسلين.
ومنها ما حدّثني به العلّامة الورع الشيخ حسين بن الشيخ حسن الفرطوسي
__________________
(١) القصص : ٥.