وإن خلا الشيخ بالنصارى |
|
رأيت سمعان أو مرا به |
قد فطن الشيخ للمعاني |
|
فالغرّ من لامه وعابه |
قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي قال : قرأت في تاريخ المختار ـ يعني ـ محمّد بن عبيد الله بن أحمد بن إدريس المسبحي.
وفي هذه السنة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة مات أبو بكر المعروف بابن الجعابي القاضي الحافظ للحديث ، وكان قد صحب قوما من المتكلمين ، فسقط عند كثير من أهل الحديث ، وأمر قبل موته أن يحرق دفاتره بالنار ، فأنكر الناس ذلك عليه ، واستقبح من فعله ، وقد كان وصل إلى مصر ، ودخل إلى الإخشيذ ، ثم مضى إلى دمشق ، فلما وقف أهل دمشق على مذهبه شردوه فخرج منها هاربا ، وخرج منها أيضا ابن بنت حامد المعتزلي ، وقصدا جميعا سيف الدولة ، ثم انحدرا إلى بغداد ، وكانت وفاته في رجب من هذه السنة (١).
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ ثنا عبد العزيز الكتّاني قال : كتب إلي أبو (٢) ذرّ عبد بن أحمد الهروي من مكة ، وحدّثني عنه عبد الغفّار بن عبد الواحد الأرموي قال : سمعت ابن شاهين (٣) يقول : دخلت أنا ، وابن المظفّر ، والدارقطني ، على الجعابي وهو مريض ، فقلت له : من أنا؟ وكنت أجرأهم عليه ، فعرفني القاضي ، قال : سبحان الله ، أنت فلان ، وهذا فلان ، بأسمائنا ، فدعونا له ، وخرجنا ومشينا خطوات ، فسمعنا الصائح بموته ، رجعنا إلى داره من الغدّ فرأينا كتبه تلّ رماد ، وكان أمر بحرق كتبه.
أخبرنا أبو القاسم النسيب ، وأبو الحسن الزاهد ، قالا : ثنا ـ وأبو منصور المقرئ ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، حدّثني الأزهري : أن ابن الجعابي لما مات صلّي عليه في جامع المنصور ، وحمل إلى مقابر قريش ، فدفن بها ، وكانت سكينة نائحة (٥) الرافضة تنوح مع جنازته ، وكان أوصى بأن تحرق كتبه ، فأحرق جميعها ، وأحرق معها كتب للناس كانت عنده ، قال الأزهري : فحدّثني أبو الحسين (٦) بن البواب قال : كان لي عند ابن الجعابي مائة وخمسون جزءا ، فذهبت في جملة ما أحرق.
__________________
(١) الخبر مختصرا في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٩١ ـ ٩٢.
(٢) بالأصل : أبي.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٩٢.
(٤) تاريخ بغداد ٣ / ٣١.
(٥) بالأصل : «ناحية الرافضية» والتصويب عن «ز» ، وتاريخ بغداد.
(٦) بالأصل : الحسن ، تصحيف ، والمثبت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.