مني ما أصلهم به ، فحلف القوم أنهم لا يرزءوني دينارا ولا درهما ، فو الله ما رأيت مثل أخلاق القوم ، فكيف ألام على حبي ليحيى بن خالد؟.
أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنبأنا أبو نصر بن صاعد ، أنبأنا أبو الحسن الطرازي ، وهو علي بن محمّد ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن إسحاق النيسابوري ، ثنا الحسين بن أحمد ببغداد ، ثنا واقد بن محمّد الواقدي ، ثنا أبي قال : رفع الواقدي رقعة إلى المأمون فذكر فيها كثرة الدّين وقلة صبره عليه ، فوقّع المأمون أنت رجل فيك خلتان : السخاء والحياء ، فالسخاء أطلق ما في يدك ، والحياء منعك من إبلاغنا ما كنت فيه ، وقد أمرت لك بمائة ألف ، فإن كنت أصبت إرادتك فازدد في بسط يدك ، وإن لم تصب إرادتك فبجنايتك على نفسك ، فأنت كنت حدثتني إذ كنت على قضاء الرشيد عن محمّد بن إسحاق عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ مفاتيح أرزاق العباد بإزاء العرش ، يبعث الله عزوجل إلى عباده (١) على قدر نفقتهم ، فمن قلل قلل له ، ومن كثر كثر له».
قال الواقدي : فلمذاكرة (٢) أمير المؤمنين أعجب إليّ من الجائزة
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، قالوا : أنبأنا (٣) ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن يوسف بن دوست البزاز ، ثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن أحمد المصري ، ثنا أبو زيد عبد الرّحمن بن حاتم المرادي بمصر ، ثنا هارون بن عبد الله الزهري ـ كان قاضي مصر ـ قال : كتب الواقدي رقعة إلى المأمون يذكر فيها غلبة الدّين وغمّه بذلك ، فوقّع المأمون على ظهرها : فيك خلّتان : السخاء والحياء ، فأمّا السخاء فهو الذي أطلق ما ملكت ، وأما الحياء فهو الذي منعك من اطلاعنا ما أنت عليه ، وقد أمرنا لك بكذا وكذا ، فإنّ كنا أصبنا إرادتك في بسط يدك فإن خزائن الله مفتوحة ، وأنت كنت حدثتني وأنت على قضاء الرشيد ، عن محمّد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) بالأصل : عبده ، تصحيف ، والمثبت عن «ز».
(٢) يعني مذاكرته إياه الحديث ، وكان الواقدي قد أنسيه كما يفهم من عبارة تاريخ بغداد.
(٣) بالأصل : «أنبأنا» تصحيف ، والمثبت عن «ز». والسند معروف.
(٤) الخبر في تاريخ بغداد ٣ / ١٩.