بقوله : تفندون ، الظاهر من تناسق الضمائر أنه عائد على من كان بقي عنده من أولاده غير الذين راحوا يمتارون ، إذ كان أولاده جماعة. وقيل : المخاطب ولد ولده ومن كان بحضرته من قرابته. والضلال هنا لا يراد به ضد الهدى والرّشاد ، قال ابن عباس : المعنى إنك لفي خطئك ، وكان حزن يعقوب قد تجدد بقصة بنيامين ، ولذلك يقال له : ذو الحزنين. وقال مقاتل : الشقاء والعناء. وقال ابن جبير : الجنون ، ويعني والله أعلم غلبة المحبة. وقيل : الهلاك والذهاب من قولهم : ضل الماء في اللبن أي : ذهب فيه. وقيل : الحب ، ويطلق الضلال على المحبة. وقال ابن عطية : ذلك من الجفاء الذي لا يسوغ لهم مواجهته به ، وقد تأوله بعض الناس على ذلك ، ولهذا قال قتادة : قالوا لوالدهم كلمة غليظة لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم ، ولا لنبي الله صلىاللهعليهوسلم. وقال الزمخشري : لفي ذهابك عن الصواب قدما في إفراط محبتك ليوسف ، ولهجك بذكره ، ورجائك لقاءه ، وكان عندهم أنه قد مات. روي عن ابن عباس أنّ البشير كان يهوذا ، لأنه كان جاء بقميص الدم. وقال أبو الفضل الجوهري : قال يهوذا لإخوته : قد علمتم أني ذهبت إليه بقميص القرحة ، فدعوني أذهب إليه بقميص الفرحة فتركوه ، وقال هذا المعنى : السدي. وأن تطرد زيادتها بعد لما ، والضمير المستكن في ألقاه عائد على البشير ، وهو الظاهر ، هو لقوله : فألقوه. وقيل : يعود على يعقوب ، والظاهر أنه أريد الوجه كله كما جرت العادة أنه متى وجد الإنسان شيئا يعتقد فيه البركة مسح به وجهه. وقيل : عبر بالوجه عن العينين لأنهما فيه. وقيل : عبر بالكل عن البعض. وارتدّ عدّه بعضهم في أخوات كان ، والصحيح أنها ليست من أخواتها ، فانتصب بصيرا على الحال والمعنى : أنه رجع إلى حالته الأولى من سلامة البصر. ففي الكلام ما يشعر أنّ بصره عاد أقوى مما كان عليه وأحسن ، لأنّ فعيلا من صيغ المبالغة ، وما عدل من مفعل إلى فعيل إلا لهذا المعنى انتهى. وليس كذلك لأنّ فعيلا هنا ليس للمبالغة ، إذ فعيل الذي للمبالغة هو معدول عن فاعل لهذا المعنى. وأما بصيرا هنا فهو اسم فاعل من بصر بالشيء ، فهو جار على قياس فعل نحو ظرف فهو ظريف ، ولو كان كما زعم بمعنى مبصر لم يكن للمبالغة أيضا ، لأنّ فعيلا بمعنى مفعل ليس للمبالغة نحو : أليم وسميع بمعنى مؤلم ومسمع. وروي أن يعقوب سأل البشير كيف يوسف؟ قال : ملك مصر. قال : ما أصنع بالملك؟ قال : على أي دين تركته؟ قال : على الإسلام ، قال : الآن تمت النعمة. وقال الحسن : لم يجد البشير عند يعقوب شيئا يبيته به وقال : ما خبرنا شيئا منذ سبع ليال ، ولكن هون الله عليك سكرات الموت. وقال الضحاك : رجع إليه بصره بعد العمى ، والقوة بعد الضعف ،