إسماعيل وإسحاق ، وأنكر عاصم الجحدري هذه القراءة ، وقال : إنّ في مصحف أبيّ بن كعب : ولأبوي ، وعن يحيى بن يعمر : ولولدي بضم الواو وسكون اللام ، فاحتمل أن يكون جمع ولد كأسد في أسد ، ويكون قد دعا لذريته ، وأن يكون لغة في الولد. وقال الشاعر :
فليت زيادا كان في بطن أمه |
|
وليت زيادا كان ولد حمار |
كما قالوا : العدم والعدم. وقرأ ابن جبير : ولوالدي بإسكان الياء على الإفراد كقوله : واغفر لأبي ، وقيام الحساب مجاز. عن وقوعه وثبوته كما يقال : قامت الحرب على ساق ، أو على حذف مضاف أي : أهل الحساب كما قال : (يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (١).
(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) : الخطاب بقوله : ولا تحسبن ، للسامع الذي يمكن منه حسبان مثل هذا لجهله بصفات الله ، لا للرسول صلىاللهعليهوسلم ، فإنه مستحيل ذلك في حقه. وفي هذه الآية وعيد عظيم للظالمين ، وتسلية للمظلومين. وقرأ طلحة : ولا تحسب بغير نون التوكيد ، وكذا فلا تحسب الله مخلف وعده. والمراد بالنهي عن حسبانه غافلا الإيذان بأنه عالم بما يفعل الظالمون ، لا يخفى عليه منه شيء ، وأنه معاقبهم على قليله وكثيره على سبيل الوعيد والتهديد كقوله : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (٢) يريد الوعيد. ويجوز أن يراد : ولا تحسبنه ، يعاملهم معاملة الغافل عما يعملون ، ولكن معاملة الرقيب عليهم المحاسب على النقير والقطمير. وقرأ السلمي والحسن ، والأعرج ، والمفضل ، عن عاصم وعباس بن الفضل ، وهارون العتكي ، ويونس بن حبيب ، عن أبي عمر : ونؤخرهم بنون العظمة ، والجمهور بالياء أي : يؤخرهم الله. مهطعين مسرعين ، قاله : ابن جبير وقتادة. وذلك بذلة واستكانة كإسراع الأسير والخائف. وقال ابن عباس ، وأبو الضحى : شديدي النظر من غير أن يطرقوا. وقال ابن زيد : غير رافعي رؤوسهم. وقال مجاهد : مد يمين النظر. وقال الأخفش : مقبلين للإصغاء ، وأنشد :
بدجلة دارهم ولقد أراهم |
|
بدجلة مهطعين إلى السماع |
وقال الحسن : مقنعي رؤوسهم وجوه الناس يومئذ إلى السماء ، لا ينظر أحد إلى أحد انتهى. وقال ابن جريج : هواء صفر من الخير خاوية منه. وقال أبو عبيدة : جوف لا عقول
__________________
(١) سورة المطففين : ٨٣ / ٦.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٨٣.