وكل أخ مفارقه أخوه |
|
لعمر أبيك إلا الفرقدان |
قال الزمخشري : فإن قلت : ما منعك من الرفع على البدل؟ قلت : لأن لو بمنزلة إن في أن الكلام معه موجب والبدل لا يسوغ إلا في الكلام غير الموجب ، كقوله (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) (١) وذلك لأن أعم العام يصح نفيه ولا يصح إيجابه ، والمعنى لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما (لَفَسَدَتا) وفيه دلالة على أمرين أحدهما : وجوب أن لا يكون مدبرهما إلّا واحدا ، والثاني أن لا يكون ذلك الواحد إلّا إياه وحده كقوله (إِلَّا اللهُ).
فإن قلت : لم وجب الأمر ان قلت : لعلمنا أن الرعية تفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف.
وعن عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد الأشدق كان والله أعز عليّ من دم ناظري ولكن لا يجتمع فحلان في شول وهذا ظاهر. وأما طريقة التمانع فللمتكلمين فيها تجادل وطراد ولأن هذه الأفعال محتاجة إلى تلك الذات المتميزة بتلك الصفات حتى تثبت وتستقر. وقال ابن عطية : وذلك بأنه كان يبغي بعضهم على بعض ويذهب بما خلق ، واقتضاب القول في هذا أن الهين لو فرضنا بينهما الاختلاف في تحريك جسم ولا تحريكه فمحال أن تتم الإرادتان ، ومحال أن لا تتم جميعا ، وإذا تمت الواحدة كان صاحب الأخرى عاجزا وهذا ليس بإله ، وجواز الاختلاف عليهما بمنزلة وقوعه منهما ، ونظر آخر وذلك أن كل جزء يخرج من العدم إلى الوجود فمحال أن تتعلق به قدرتان ، فإذا كانت قدرة أحدهما توجده ففي الآخر فضلا لا معنى له في ذلك الجزء ثم يتمادى النظر هكذا جزأ جزأ. وقال أبو عبد الله الرازي : لو فرضنا موجودين واجبي الوجود لذاتهما فلا بد أن يشتركا في الوجود ولا بد أن يمتاز كل واحد منهما عن الآخر بمعيته وما به المشاركة غير ما به الممايزة ، فيكون كل واحد مشاركا للآخر وكل مركب فهو مفتقر إلى آخر ممكن لذاته ، فإذا واجب الوجود ليس إلّا واحدا فكل ما عدا هذا فهو محدث ، ويمكن جعل هذا تفسيرا لهذه الآية لأنا لما دللنا على أنه يلزم من فرض موجودين واجبين أن لا يكون شيء منهما واجبا ، وإذا لم يوجد الواجب لم يوجد شيء من هذه الممكنات ، فحينئذ يلزم الفساد في كل العالم.
وقال أبو البقاء : لا يجوز أن يكون بدلا لأن المعنى يصير إلى قولك (لَوْ كانَ فِيهِما
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ٨١.