الجواب عن هذا الوجه أيضا |
قلت : لو سلّمنا احتمال المصلحة في عدم بيان الضرر الاخرويّ ، إلاّ أنّ قولهم عليهمالسلام : «كلّ شيء لك حلال» بيان لعدم الضرر الاخرويّ.
وأمّا الضرر الغير الاخرويّ ، فوجوب دفع المشكوك منه ممنوع ، وآية «التهلكة» مختصّة بمظنّة الهلاك ، وقد صرّح الفقهاء (١) في باب المسافر : بأنّ سلوك الطريق الذي يظنّ معه العطب معصية ، دون مطلق ما يحتمل فيه ذلك. وكذا في باب التيمّم (٢) والإفطار (٣) لم يرخّصوا إلاّ مع ظنّ الضرر الموجب لحرمة العبادة دون الشكّ.
نعم ، ذكر قليل من متأخّري المتأخّرين (٤) انسحاب حكم الإفطار والتيمّم مع الشكّ أيضا ، لكن لا من جهة حرمة ارتكاب مشكوك الضرر ، بل لدعوى تعلّق الحكم في الأدلّة بخوف الضرر الصادق ، مع الشكّ ، بل مع (٥) بعض أفراد الوهم أيضا.
لكنّ الإنصاف : إلزام العقل بدفع الضرر المشكوك فيه كالحكم
__________________
(١) انظر الذكرى (الطبعة الحجريّة) : ٢٥٨ ، والروض : ٣٨٨ ، والذخيرة : ٤٠٩ ، وكشف الغطاء : ٢٧٢.
(٢) انظر المنتهى ٣ : ٣٤ ، والمدارك ٢ : ١٩٤ ، ومستند الشيعة ٣ : ٣٨٠.
(٣) انظر الشرائع ١ : ٢١٠ ، والمدارك ٦ : ٢٨٥.
(٤) كالمحدّث البحراني في الحدائق ١٣ : ١٧١ ، والسيّد الطباطبائي في الرياض ١ : ٣٢٩ ، والفاضل النراقي في المستند ١٠ : ٣٧٥ ، وصاحب الجواهر في الجواهر ٥ : ١١٠ ، و ١٦ : ٣٤٦.
(٥) لم ترد «مع» في (ت) ، (ظ) و (ه).