ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : «حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات» (١) ، وهذا إنّما ينطبق على الشبهة في نفس الحكم ؛ وإلاّ لم يكن الحلال البيّن ولا الحرام البيّن ، ولا يعلم أحدهما من الآخر إلاّ علاّم الغيوب ، وهذا ظاهر واضح (٢).
أقول : فيه ـ مضافا إلى ما ذكرنا ، من إباء سياق الخبر عن التخصيص ـ : أنّ رواية التثليث ـ التي هي العمدة من أدلّتهم ـ ظاهرة في حصر ما يبتلي به المكلّف من الأفعال في ثلاثة ، فإن كانت عامّة للشبهة الموضوعيّة أيضا صحّ الحصر ، وإن اختصّت بالشبهة الحكميّة كان الفرد الخارجيّ المردّد بين الحلال والحرام قسما رابعا ؛ لأنّه ليس حلالا بيّنا ولا حراما بيّنا ولا مشتبه الحكم.
ولو استشهد بما قبل النبويّ (٣) ، من قول الصادق عليهالسلام : «إنّما الامور ثلاثة» ، كان ذلك أظهر في الاختصاص بالشبهة الحكميّة ؛ إذ المحصور في هذه الفقرة الامور التي يرجع فيها إلى بيان الشارع ، فلا يرد إخلاله بكون الفرد الخارجيّ المشتبه أمرا رابعا للثلاثة.
وأمّا ما ذكره من المانع لشمول النبويّ للشبهة الموضوعيّة : من أنّه لا يعلم الحلال من الحرام إلاّ علاّم الغيوب ، ففيه :
أنّه إن اريد عدم وجودهما ، ففيه ما لا يخفى. وإن اريد ندرتهما ،
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ١١٤ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٩.
(٢) الفوائد الطوسيّة : ٥١٩.
(٣) أي : النبويّ المذكور في أوّل هذه الصفحة : «حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات».