ومثل ذلك استفادة الوجوب والتحريم ممّا اقتصر فيه على ذكر العقاب على الترك أو الفعل.
وأمّا الثواب الموعود في هذه الأخبار فهو باعتبار الإطاعة الحكميّة ، فهو لازم لنفس عمله المتفرّع على السماع واحتمال الصدق ولو لم يرد به أمر. آخر أصلا ، فلا يدلّ على طلب شرعيّ آخر له. نعم ، يلزم من الوعد على الثواب طلب إرشاديّ لتحصيل ذلك الموعود.
فالغرض (١) من هذه الأوامر ـ كأوامر الاحتياط ـ تأييد حكم العقل ، والترغيب في تحصيل ما وعد الله عباده المنقادين المعدودين بمنزلة المطيعين.
وإن كان الثابت بهذه الأخبار خصوص الثواب البالغ كما هو ظاهر بعضها ، فهو وإن كان مغايرا لحكم العقل باستحقاق أصل الثواب على هذا العمل ـ بناء على أنّ العقل لا يحكم باستحقاق ذلك الثواب المسموع الداعي إلى الفعل ، بل قد يناقش في تسمية ما يستحقّه هذا العامل لمجرّد احتمال الأمر ثوابا وإن كان نوعا من الجزاء والعوض ـ ، إلاّ أنّ مدلول هذه الأخبار إخبار عن تفضّل الله سبحانه على العامل بالثواب المسموع ، وهو أيضا ليس لازما لأمر شرعي هو الموجب لهذا (٢) الثواب ، بل هو نظير قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(٣) ملزوم لأمر إرشاديّ ـ يستقلّ به العقل ـ بتحصيل ذلك
__________________
(١) كذا في (ظ) ، وفي غيرها : «والغرض».
(٢) في (ت) ، (ه) ومحتمل (ص) و (ظ): «بهذا».
(٣) الأنعام : ١٦٠.