فإن قلت : ترخيص ترك بعض المقدّمات دليل على عدم إرادة الحرام الواقعيّ ولا تكليف بما عداه ، فلا مقتضي لوجوب الاجتناب عن الباقي.
قلت : المقدّمة العلميّة مقدّمة للعلم ، واللازم من الترخيص فيها عدم وجوب تحصيل العلم ، لا عدم وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعيّ رأسا ، وحيث إنّ الحاكم بوجوب تحصيل العلم هو العقل ـ بملاحظة تعلّق الطلب الموجب للعقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا المحتمل ـ ، كان الترخيص المذكور موجبا للأمن من العقاب على المخالفة الحاصلة من (١) ترك هذا الذي رخّص في تركه ، فيثبت من ذلك تكليف متوسّط بين نفي التكليف رأسا وثبوته متعلّقا بالواقع على ما هو عليه.
وحاصله : ثبوت التكليف بالواقع من الطريق الذي رخّص الشارع في امتثاله منه ، وهو ترك باقي المحتملات. وهذا نظير جميع الطرق الشرعيّة المجعولة للتكاليف الواقعيّة ، ومرجعه إلى القناعة عن الواقع ببعض محتملاته معيّنا كما في الأخذ بالحالة السابقة في الاستصحاب ، أو مخيّرا كما في موارد التخيير.
وممّا ذكرنا تبيّن : أنّ مقتضى القاعدة عند انسداد باب العلم التفصيلي بالأحكام الشرعيّة وعدم وجوب تحصيل العلم الإجمالي (٢) فيها
__________________
(١) كذا في (ظ) ، وفي غيرها بدل «من» : «في» ، وشطب في (ت) و (ه) على : «الحاصلة».
(٢) لم ترد «الإجمالي» في (ظ).