الخطاب المجمل الواصل إلينا لا يكون مجملا للمخاطبين ، فتكليف المخاطبين بما هو مبيّن ، وأمّا نحن معاشر الغائبين فلم يثبت اليقين بل ولا الظنّ بتكليفنا بذلك الخطاب ، فمن كلّف به لا إجمال فيه عنده ، ومن عرض له الإجمال لا دليل على تكليفه بالواقع المردّد ؛ لأنّ اشتراك غير المخاطبين معهم فيما لم يتمكّنوا من العلم به عين الدعوى.
فالتحقيق : أنّ هنا مسألتين :
إحداهما : أنّه (١) إذا خوطب شخص بمجمل هل يجب عليه الاحتياط أو لا؟
الثانية : أنّه إذا علم تكليف الحاضرين بأمر معلوم لهم تفصيلا ، وفهموه من خطاب هو مجمل بالنسبة إلينا معاشر الغائبين ، فهل يجب علينا تحصيل القطع بالاحتياط بإتيان ذلك الأمر أم لا؟ والمحقّق (٢) حكم بوجوب الاحتياط في الأوّل دون الثاني.
فظهر من ذلك : أنّ مسألة إجمال النصّ إنّما يغاير المسألة السابقة ـ أعني عدم النصّ ـ فيما فرض خطاب مجمل متوجّه إلى المكلّف ؛ إمّا لكونه حاضرا عند صدور الخطاب ، وإمّا للقول باشتراك الغائبين مع الحاضرين في الخطاب.
أمّا إذا كان الخطاب للحاضرين وعرض له الإجمال بالنسبة إلى الغائبين ، فالمسألة من قبيل عدم النصّ لا إجمال النصّ ، إلاّ أنّك عرفت أنّ المختار فيهما وجوب الاحتياط ، فافهم.
__________________
(١) «أنّه» من (ت).
(٢) أي المحقّق الخوانساري.