المؤاخذة عليه كان التكليف به ـ ولو مقدّمة ـ منفيّا بحكم العقل والنقل ، والمفروض أنّ الشرط الشرعيّ إنّما انتزع من الأمر بالوضوء في الشريعة ، فينتفي بانتفاء منشأ انتزاعه في الظاهر.
وأمّا ما كان متّحدا مع المقيّد في الوجود الخارجي كالإيمان في الرقبة المؤمنة ، فليس ممّا يتعلّق به وجوب وإلزام مغاير لوجوب أصل الفعل ولو مقدّمة ، فلا يندرج فيما حجب الله (١) علمه عن العباد.
والحاصل : أنّ أدلّة البراءة من العقل والنقل إنّما تنفي الكلفة الزائدة الحاصلة من فعل المشكوك والعقاب المترتّب على تركه مع إتيان ما هو معلوم الوجوب تفصيلا ؛ فإنّ الآتي بالصلاة بدون التسليم المشكوك (٢) وجوبه معذور في ترك التسليم ؛ لجهله. وأمّا الآتي بالرقبة. الكافرة فلم يأت في الخارج بما هو معلوم له تفصيلا حتّى يكون معذورا في الزائد المجهول ، بل هو تارك للمأمور به رأسا.
وبالجملة : فالمطلق والمقيّد من قبيل المتباينين ، لا الأقلّ والأكثر.
وكأنّ هذا هو السرّ فيما ذكره بعض القائلين بالبراءة عند الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة كالمحقّق القمّي رحمهالله في باب المطلق والمقيّد : من تأييد استدلال العلاّمة رحمهالله في النهاية على وجوب حمل المطلق على المقيّد بقاعدة «الاشتغال» (٣) ، وردّ ما اعترض عليه بعدم العلم بالشغل حتّى
__________________
(١) لم ترد لفظ الجلالة في (ر) و (ظ).
(٢) في غير (ر) زيادة : «في».
(٣) نهاية الوصول (مخطوط) : ١٧٤.