كلام الفاضل النراقي قدسسره |
لم يكن لنا سبيل في المسائل الاجتهاديّة إلى الواقعيّة فالسبب والشرط والمانع في حقّنا هي الحقائق الظاهريّة ، ومن البديهيّات التي انعقد عليها الإجماع بل الضرورة : أنّ ترتّب الآثار على الحقائق الظاهريّة يختلف بالنسبة إلى الأشخاص ؛ فإنّ ملاقاة الماء القليل للنجاسة سبب لتنجّسه عند واحد دون غيره ، وكذا قطع الحلقوم للتذكية ، والعقد الفارسيّ للتمليك أو الزوجيّة.
وحاصل ما ذكره من التفصيل :
أنّ غير المجتهد والمقلّد على ثلاثة أقسام ؛ لأنّه إمّا غافل عن احتمال كون ما أتى به من المعاملة مخالفا للواقع ، وإمّا أن يكون غير غافل ، بل يترك التقليد مسامحة.
فالأوّل ، في حكم المجتهد والمقلّد ؛ لأنّه يتعبّد باعتقاده ـ كتعبّد المجتهد باجتهاده والمقلّد بتقليده ـ ما دام غافلا ، فإذا تنبّه : فإن وافق اعتقاده قول من يقلّده فهو ، وإلاّ كان كالمجتهد المتبدّل رأيه ، وقد مرّ حكمه في باب رجوع المجتهد.
وأمّا الثاني ، وهو المتفطّن لاحتمال مخالفة ما أوقعه من المعاملة للواقع : فإمّا أن يكون ما صدر عنه موافقا أو مخالفا للحكم القطعي الصادر من الشارع ، وإمّا أن لا يكون كذلك ، بل كان حكم المعاملة ثابتا بالظنون الاجتهاديّة.
فالأوّل ، يترتّب عليه الأثر مع الموافقة ، ولا يترتّب عليه مع المخالفة ؛ إذ المفروض أنّه ثبت من الشارع ـ قطعا ـ أنّ المعاملة الفلانيّة سبب لكذا ، وليس معتقدا لخلافه حتّى يتعبّد بخلافه ، ولا دليل على التقييد في مثله بعلم واعتقاد ، ولا يقدح كونه محتملا للخلاف أو ظانا