التفاوت بينهما أنّه اطّلع على ما لم يطّلع هذا ، أمكن أن يكون قوله حجّة في حقّه. لكنّ اللازم ـ حينئذ ـ أن يتفحّص في جميع المسائل إلى حيث يحصل الظنّ بعدم وجود دليل التكليف ، ثمّ الرجوع إلى هذا المجتهد ، فإن كان مذهبه مطابقا للبراءة كان مؤيّدا لما ظنّه من عدم الدليل ، وإن كان مذهبه مخالفا للبراءة كان شاهد عدل (١) على وجود دليل التكليف.
فإن لم يحتمل في حقّه الاعتماد على الاستنباطات الحدسيّة و (٢) العقليّة من الأخبار ، أخذ بقوله في وجود دليل ، وجعل فتواه كروايته.
ومن هذا القبيل : ما حكاه غير واحد (٣) ، من أنّ القدماء كانوا يعملون برسالة الشيخ أبي الحسن عليّ بن بابويه عند إعواز النصوص.
والتقييد بإعواز النصوص مبنيّ على ترجيح النصّ المنقول بلفظه على الفتوى التي يحتمل الخطأ في النقل بالمعنى.
وإن احتمل في حقّه ابتناء فتواه على الحدس والعقل ، لم يكن دليل على اعتباره في حقّه ، وتعيّن العمل بالبراءة.
__________________
(١) كذا في (ر) ، (ظ) ونسخة بدل (ت) ، وفي (ت) و (ص): «عادل» ، وفي (ه) : «شاهدا عدلا».
(٢) في (ر) و (ص): «أو».
(٣) كالشهيد في الذكرى ١ : ٥١ ، والمحدّث البحراني في الحدائق ٧ : ١٢٧.