ومعه لا حاجة إلى الاستصحاب وملاحظة الحالة السابقة ـ ، ومن المعلوم أنّ المطلوب المذكور لا يترتّب على المستصحبات المذكورة ؛ لأنّ عدم استحقاق العقاب في الآخرة ليس من اللوازم المجعولة حتّى يحكم به الشارع في الظاهر.
وأمّا الإذن والترخيص في الفعل ، فهو وإن كان أمرا قابلا للجعل ويستلزم انتفاء العقاب واقعا ، إلاّ أنّ الإذن الشرعيّ ليس لازما شرعيّا للمستصحبات المذكورة ، بل هو من المقارنات ؛ حيث إنّ عدم المنع عن الفعل ـ بعد العلم إجمالا بعدم خلوّ فعل المكلّف عن أحد الأحكام الخمسة ـ لا ينفكّ عن كونه مرخّصا فيه ، فهو نظير إثبات وجود أحد الضدّين بنفي الآخر بأصالة العدم.
ومن هنا تبيّن : أنّ استدلال بعض من اعترف بما ذكرنا (١) ـ من عدم اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ وعدم إثباته إلاّ اللوازم الشرعيّة ـ في هذا المقام باستصحاب البراءة ، منظور فيه.
نعم ، من قال باعتباره من باب الظنّ ، أو أنّه يثبت بالاستصحاب (٢) من باب التعبّد كلّ ما لا ينفكّ عن المستصحب لو كان معلوم البقاء ولو لم يكن من اللوازم الشرعيّة ، فلا بأس بتمسّكه به.
مع أنّه يمكن النظر فيه ؛ بناء على ما سيجيء (٣) : من اشتراط العلم ببقاء الموضوع في الاستصحاب ، وموضوع البراءة في السابق ومناطها هو الصغير الغير القابل للتكليف ، فانسحابها في القابل أشبه بالقياس من
__________________
(١) كصاحب الفصول في الفصول : ٣٥٢ ، ٣٧٠ و ٣٧٧.
(٢) لم ترد «بالاستصحاب» في (ت) و (ظ) ، نعم ورد بدلها في (ت): «به».
(٣) انظر مبحث الاستصحاب ٣ : ٢٩١.