بل إلى الخلود فيه إذا وقع التقصير في مقدّمات تحصيل المعرفة في تلك المسألة ـ ففي هذه المقامات ونحوها يكون التوقّف لازما عقلا وشرعا من باب الإرشاد ، كأوامر الطبيب بترك المضارّ.
إن كان مفسدةٌ اُخرى غير العقاب |
وإن كان الهلاك المحتمل مفسدة اخرى غير العقاب ـ سواء كانت (١) دينيّة كصيرورة المكلّف بارتكاب الشبهة أقرب إلى ارتكاب المعصية ، كما دلّ عليه غير واحد من الأخبار المتقدّمة (٢) ، أم دنيويّة كالاحتراز عن (٣) أموال الظلمة ـ فمجرّد احتماله لا يوجب العقاب على فعله لو فرض حرمته واقعا ، والمفروض أنّ الأمر بالتوقّف في هذه الشبهة لا يفيد استحقاق العقاب على مخالفته ؛ لأنّ المفروض كونه للارشاد ، فيكون المقصود منه التخويف عن لحوق غير العقاب من المضارّ المحتملة : فاجتناب هذه الشبهة لا يصير واجبا شرعيّا بمعنى ترتّب العقاب على ارتكابه.
الهلاك المحتمل فيما نحن فيه من قبيل غير العقاب |
وما نحن فيه وهي الشبهة الحكميّة التحريميّة من هذا القبيل ؛ لأنّ الهلكة المحتملة فيها لا تكون هي المؤاخذة الاخروية باتّفاق الأخباريّين ؛ لاعترافهم بقبح المؤاخذة على مجرّد مخالفة الحرمة الواقعيّة المجهولة وإن زعموا ثبوت العقاب من جهة بيان التكليف في الشبهة بأوامر التوقّف والاحتياط ، فإذا لم يكن المحتمل فيها هو العقاب الاخروي كان حالها حال الشبهة الموضوعيّة ـ كأموال الظلمة والشبهة الوجوبيّة ـ في أنّه
__________________
(١) كذا في (ظ) ، وفي غيرها : «كان».
(٢) المتقدمة في الصفحة ٦٤ ـ ٦٦.
(٣) في (ص) بدل «كالاحتراز عن» : «كارتكاب».