يستخرجون النّصول من جسده وقت اشتغاله بالصّلاة لالتفاته بالكلّية الى الله تعالى ، واستغراقه فى المناجات معه. وأحلمهم حتى ترك ابن ملجم عليه اللّعنة فى دياره وجواره واعطاه العطاء مع علمه بحاله ، وعفى عن مروان حين أخذ يوم الجمل مع شدّة عداوته له ، وعفى عن سعيد بن العاص وغيره من الأعداء. وأحسنهم خلقا وأطلقهم وجها حتى نسب إلى الدعابة مع شدّة بأسه وهيبته ، وأفصحهم لسانا على ما يشهد به كتاب نهج البلاغة حتى قال البلغاء : كلامه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، وأحفظهم للقرآن حتّى انّ أكثر القرّاء كأبي عمرو وعاصم وغيرهما يستندون قراءتهم إليه ، فإنّهم تلامذة ابى عبد الله السّلمى وهو تلميذ امير المؤمنين (ع) إلى غير ذلك من صفات الكمال ، حتى انّه سئل الخليل بن احمد العروضى عن فضائله فقال : ما أقول فى حقّ رجل أخفى أعدائه فضائله بغيا وحسدا ، وأخفى أحبّائه فضائله خوفا ووجلا ، فخرج من بين الفريقين ما ملاء الخافقين. ومن البيّن ان تلك الصّفات تدلّ على الأفضليّة الدّالّة على الإمامة.
ومنها انّه (ع) ادّعى الإمامة بعد النّبيّ (ص) بلا فصل ، وأظهر المعجزة ، وكلّ من كان كذلك فهو إمام بعد النّبيّ (ص) بلا فصل ،
أمّا دعوى الإمامة فمشهورة فى كتب السير حتى ثبت انّه لمّا عرف مخالفة المخالفين وإصرارهم على ضلالتهم قعد فى بيته واشتغل بكتاب ربّه ، فطلبوه للبيعة فامتنع ، وأضرموا فى بيته النار وأخرجوه قهرا ، وكفاك شاهدا صادقا فى هذا المعنى خطبته الموسومة بالشقشقية فى نهج البلاغة.
وأمّا إظهار المعجزة فلما ثبت عنه من قلع باب خيبر ورميه اذرعا وقد عجز من اعادته سبعون رجلا من الأقوياء ، ومخاطبته الثّعبان على منبر الكوفة ، ورفع الصّخرة العظيمة عن القليب حين توجّهه إلى صفين ، ومحاربة الجنّ حين مسيره مع النّبيّ (ص) الى غزوة بنى المصطلق ، وردّ الشّمس لإدراك الصّلاة فى وقتها ، والإخبار عن الغيب واستجابة الدعاء وغير ذلك من الوقائع المشهورة المنقولة عنه.