قلت لرابعة ـ وهي امرأتي ـ وقامت بالليل : قد رأينا أبا سليمان وتعبّدنا معه ، ما رأيت من يقوم في أوّل الليل ؛ فقالت : سبحان الله! مثلك يتكلّم بمثل هذا! إنما أقوم إذا نوديت.
قال أحمد بن أبي الحواري (١) :
كان لرابعة أحوال شتى ، فمرّة غلب عليها الحب ، ومرة غلب عليها الأنس ، ومرة غلب عليها الخوف ؛ فسمعتها في حال الحبّ تقول :
حبيب ليس يعدله حبيب |
|
ولا لسواه في قلبي نصيب |
حبيب غاب عن بصري وشخصي |
|
وفي قلبي حبيب لا يغيب |
وسمعتها في حال الأنس تقول (٢) :
ولقد (٣) جعلتك في الفؤاد محدّثي |
|
وأبحت جسمي من أراد جلوسي |
فالجسم مني للجليس مؤانس |
|
وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي |
وسمعتها في حال الخوف تقول (٤) :
زادي قليل ما أراه مبلّغي |
|
فللزاد (٥) أبكي أم لبعد مسافتي؟ |
أتحرقني بالنّار يا غاية المنى |
|
فأين رجائي فيك أين مخافتي (٦)؟ |
قال أبو دجانة :
كانت رابعة إذا غلب عليها الحبّ تقول :
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه |
|
هذا محال في الفعال بديع |
لو كان حبّك صادقا لأطعته |
|
إنّ المحبّ لمن أحبّ مطيع |
__________________
(١) الخبر والبيتان في صفة الصفوة ٤ / ٣٠١ وهما في الدر المنثور ص ٢٠١ لزينب العاملية.
(٢) البيتان في صفة الصفوة ٤ / ٣٠١ ـ ٣٠٢ منسوبان لرابعة الشامية ، وهما في وفيات الأعيان ٣ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧ والبداية والنهاية ١٠ / ١٨٧ منسوبان فيهما إلى رابعة العدوية البصرية.
(٣) في وفيات الأعيان : إنني.
(٤) البيتان في صفة الصفوة ٤ / ٣٠٢ والدر المنثور ص ٢٠١.
(٥) في صفة الصفوة : وزادي ... أللزاد.
(٦) في صفة الصفوة : «أين محبتي» وبهامشها عن نسخة : مخافتي.