قالت : لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رقّ لنا أول شيء ، وألطفنا ، قال ثمّ إن رجلا من أهل الشام أحمر قام إلى يزيد فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه ـ يعنيني ـ وكنت جارية وضيئة ، فأرعدت وفرقت ، وظننت أنّ ذلك جائز لهم ، وأخذت بثياب أختي زينب قالت : وكانت أختي زينب أكبر مني وأعقل ، وكانت تعلم أن ذلك لا يكون ، فقالت : كذبت والله ولؤمت ما ذلك لك ولا له ، فغضب يزيد فقال : كذبت والله إنّ ذلك لي لو شئت أن أفعله لفعلت. قالت : كلا والله ما جعل الله ذلك لك إلّا أن تخرج من ملتنا ، وتدين بغير ديننا ، قالت : فغضب يزيد واستطار ثم قال : إياي تستقبلين (١) بهذا؟ إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك ، فقالت زينب : بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدّي اهتديت أنت وجدك وأبوك ، قال : كذبت يا عدوة الله ، قالت : أنت أمير [مسلّط](٢) تشتم ظالما وتقهر بسلطانك. قالت : فو الله لكأنه استحيى ، فسكت ، ثم عاد الشامي فقال : يا أمير المؤمنين ، هب لي هذه الجارية ، قال : اعزب ، وهب الله لك حتفا قاضيا ، قالت : ثم قال يزيد بن معاوية : يا نعمان بن بشير : جهّزهم بما يصلحهم ، وابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا ، وابعث معه خيلا وأعوانا يسير بهم إلى المدينة ، ثم أمر بالنسوة أن ينزلن في دار على حدة ، معهن أخوهن علي ابن الحسين ، في الدار التي هو (٣) فيها قال : فخرجن حتى دخلن دار زيد فلم يبق من آل معاوية امرأة إلا استقبلتهن تبكي وتنوح على الحسين ، فأقاموا عليه المناحة ثلاثا ، وكان يزيد لا يغتدي ولا يعشى (٤) إلّا دعا علي بن الحسين إليه. قال : فدعاه ذات يوم ودعا عمرو (٥) بن الحسن بن علي وهو غلام صغير ، فقال لعمرو : أتقاتل هذا ، يعني خالدا ابنه ، قال : لا ، ولكن أعطني سكينا [وأعطه سكينا](٦) ثم أقاتله ، فقال (٧) له يزيد وأخذه فضمه إليه ثم قال : شنشنة أعرفها من أخزم (٨). هل تلد الحية إلّا حية (٩)؟!.
__________________
(١) بالأصل : تستقبليني ، والمثبت عن «ز» ، والطبري.
(٢) زيادة عن الطبري.
(٣) في الطبري : هن.
(٤) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، والطبري : لا يتغدى ولا يتعشّى.
(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الطبري : «عمر» تصحيف.
(٦) الزيادة للإيضاح عن «ز» ، والطبري.
(٧) بالأصل و «ز» ، والمطبوعة : «فقام» والمثبت عن الطبري.
(٨) مثل. انظر قصته في مجمع الأمثال ١ / ٣٦١ وجمهرة الأمثال ١ / ٥٤١ والمستقصى للزمخشري ٢ / ١٣٤.
(٩) مثل. انظر مجمع الأمثال ٢ / ٢٥٩ والمستقصى للزمخشري ٢ / ٣٩٠.