انتهى بهم إلى موضع قال : إنّ بينكم وبين الحي الذي تريدون يوما تاما ، وإن سرناه بالنهار وطئنا أطرافهم ورعاءهم (١) فأنذروا الحي فتفرقوا ، فلم تصيبوا منهم حاجتكم ، ولكن نقيم يومنا هذا في موضعنا حتى نمسي ، ثم نعتشي (٢) ليلتنا على متون الخيل ، فنجعلها غارة حتى نصبّحهم في عماية الصبح ، قالوا : هذا الرأي ، فعسكروا وسرّحوا إبلهم ، واصطنعوا ، وبعثوا نفرا منهم يتقصّون (٣) ما حولهم ، فبعثوا أبا قتادة والحباب بن المنذر ، وأبا نائلة ، فخرجوا على متون خيل لهم يطوفون حول العسكر ، فأصابوا غلاما أسود فقالوا : ما أنت؟ فقال : أطلب بغيتي ، فأتوا به عليا ، فقال : من أنت؟ قال : باغي (٤) ، قال : فشدوا عليه فقال : أنا غلام لرجل من طيّيء من بني نبهان أمروني بهذا الموضع ، وقالوا : إن رأيت خيل محمّد فطر إلينا فأخبرنا ، وأنا لا أدرك شرا (٥) ، فلما رأيتكم أردت الذهاب إليهم ، ثم قلت : لا أعجل حتى آتي أصحابي بخبر بيّن من عددكم وعدد خيلكم وركابكم ، ولا أخشى ما أصابني ، فلكأني كنت مقيدا حتى أخذتني طلائعكم.
قال علي : أصدقنا ما وراءك ، قال : أوائل الحي على مسيرة ليلة طرّادة (٦) تصبّحهم (٧) الخيل في مغارهم خبّا (٨) وعدوا ، قال علي لأصحابه : ما ترون؟ قال جبار بن صخر : رأيي أن ننطلق على متون الخيل ليلتنا حتى نصبّح القوم وهم غارون ، فنغير عليهم ونخرج بالعبد الأسود دليلا (٩) ، ونخلف حرسا مع العسكر حتى يلحقونا إن شاء الله ، قال علي : هذا الرأي ، فخرجوا بالعبد الأسود ، والخيل تعادى (١٠) ، وهو ردف بعضهم عقبة (١١) ، ثم ينزل فيردف
__________________
(١) بالأصل : ودعاهم ، والمثبت عن «ز» ، والمغازي.
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : نسري.
(٣) بالأصل : فيقصون ، والمثبت عن «ز» ، والمغازي.
(٤) كذا بالأصل و «ز».
(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : أسرا.
(٦) يعني طويلة.
(٧) في المطبوعة : تصحبهم.
(٨) الخب والخبب : ضرب من العدو. وفي «ز» : خببا وعدوا. والعبارة في المغازي : «تصبحهم الخيل ومغارها حين غدوا».
(٩) في المغازي : ليلا.
(١٠) بالأصل : «بعادا» وفي «ز» : «بعادا» وفي المغازي : «تعادا».
(١١) العقبة : النوبة.