عليّ إلهي ردّ من قطع الهوى |
|
فإني به في كل يوم أوكل |
وإلّا فموتا ، إن في الموت راحة |
|
وفي الموت راحات لمن كان يعقل |
قال : نعم أنا القائل هذا. قالت : قد رأى الله مكانك يا مسكين ، ولقد أكثرت التضرع إلى ربك حين قلت : يا من ، يا من ، وأنت القائل (١) :
لقد ذرفت عيني وطال سجومها (٢) |
|
وأصبح من نفسي معنى (٣) صحيحها |
فلا (٤) أنا أرجو أن نفسي صحيحة |
|
ولا الموت فيما قد شجاها يريحها |
ألا ليتنا نحيا جميعا وإن نمت |
|
يجاور في الموتى ، ضريحي ضريحها |
فما أنا في طول الحياة براغب |
|
إذا قيل قد سوي عليها صفيحها |
أظلّ نهاري ، مستهاما ويلتقي |
|
لدى الليل ، روحي ، في المنام ، وروحها |
قال : نعم أنا القائل. قالت : غفر الله لك ولقومك ، يا أخا عذرة ، ولا كتب عليك بهذا الكلام سيئة أبدا. وأنت القائل :
ألا ليتني أعمى أصم تقودني |
|
بثينة لا يخفى عليّ كلامها (٥) |
قال : نعم ، أنا القائل هذا ، قالت الجارية : تقول لك سيدتي : أرضيت من الدنيا وعيشها ونعيمها أن تكون أعمى أصمّ إلّا أنه لا يخفى عليك كلام بثينة؟ قال : نعم ، فدخلت فأخبرت مولاتها بما سمعت من لفظه ، فلم تلبث إلّا يسيرا حتى خرجت الجارية معها كيس فيه ألفا درهم ومنديل فيه أصناف ، فقالت : تقول لك سيدتي اقطع لك هذه الثياب ، وأنفق هذه الدراهم ، فإذا نفدت فائتنا ، فإنّ لك عندنا المواساة ، وأمرت للشعراء بألف ألف.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، أنا أبو محمّد جعفر بن أحمد بن الحسين (٦) السراج ، أنا أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي بمكة ، أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي بن لال الهمداني ، نا أبو منصور أحمد بن شعيب البخاري ، نا سهل بن شاذويه
__________________
(١) الأبيات في ديوان جميل ص ٢٩ (ط. بيروت).
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الديوان : سفوحها.
(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الديوان : سقيما.
(٤) البيت ليس في الديوان.
(٥) بالأصل و «ز» : «مكانها» والمثبت عن المطبوعة.
(٦) في «ز» : الحسن.