وشربت كأسه ، وغنيت صوتي ، وشربت كأسي ، فهذه حالي إلى أن دخل سيدي أمير المؤمنين فصح فالي ، فقعد المعتصم ، وشرب ، وفرح ، وسكر ؛ فلما انصرف أخرجت الفتى فما زالا في أمرهما إلى الصبح.
أخبرنا أبو بكر بن المزرفي (١) ، أنا أبو منصور بن عبد العزيز ، أنا أحمد بن محمّد بن الصلت ، أنا أبو الفرج الأصبهاني (٢) ، أخبرني جعفر بن قدامة ، حدّثني عبد الله بن المعتز قال :
رفعت إليّ رقاع لعريب ، مكاتبات منثورة ومنظومة فقرأت رقعة منها إلى المأمون وقد خرج إلى فم الصلح (٣) لزفاف بوران :
انعم تخطتك صروف الردى |
|
بقرب بوران مدى الدهر |
درة خدر لم يزل نجمها |
|
بنجم مأمون العلى يجري |
حتى استقر الملك في حجرها |
|
بورك في ذلك من حجر |
يا سيدي لا تنس عهدي فما |
|
أطلب شيئا غير ما تدري |
قال عبد الله : فذكرت ذلك لعجوز من جواري بوران فعرفت القصة.
وحدّثتني أن المأمون قرأ الرقعة على بوران وقال : أفهمت معنى الزانية؟ قالت : نعم ، فبالله يا سيدي إلّا سررتني بالكتاب بحملها (٤) إليك ، فحملت إليه (٥).
ومن شعرها في المتوكل قولها :
بجعفر زادنا (٦) الرحمن إيمانا |
|
جزاه ذو العرش بالإحسان إحسانا |
وزاد في عمره طولا ومدّ له |
|
فيه وأعلى له في الأرض سلطانا |
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة ، وقرأ عليّ إسناده ، أنا محمّد بن
__________________
(١) بالأصل : المرزقي ، وفي «ز» : المزر؟؟؟ قي ، تصحيف.
(٢) الخبر والشعر في الإماء الشواعر ص ١٠٧.
(٣) فم الصلح مدينة على شرقي دجلة ، فوق واسط ، بينها وبين جبّل ، وبها بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل (انظر معجم البلدان).
(٤) الحرف الأول لم يعجم بالأصل ، وفي «ز» : «يحملها» والمثبت عن الإماء الشواعر.
(٥) بدل : «فحملت إليه» في الإماء الشواعر : فإنني والله أسرّ بذلك وأشكره من تفضلك فضحك ، وأمر بالكتاب بحملها.
(٦) في الإماء الشواعر : زادني.