قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمّد ، عن نصر بن إبراهيم المقدسي ، عن أبي الحسن بن السمسار ، أنا محمّد بن أحمد بن عثمان الشاهد ، أنا محمّد بن جعفر العسكري ، قال : سمعت أبا العباس محمّد بن يزيد المبرد يقول :
دخلت بثينة على عبد الملك فأحدّ النظر إليها ، ثم قال : يا بثينة ما رأى فيك جميل حين قال فيك ما قال؟ قالت : ما رأى فيك الناس حين ولوك الخلافة يا أمير المؤمنين ، فضحك عبد الملك حتى بدت سنّ له كان يخفيها ، فما ترك لها من حاجة إلّا قضاها.
وذكر أبو محمّد بن زبر فيما قرأته من كتاب ابنه أبي سليمان عنه ، أنا يحيى بن زكريا ، عن الحسن بن علي ، نا الهيثم بن عدي ، أنا ابن عيّاش ، عن أبيه قال :
أتى عبد الملك بن مروان آذنه أبو يوسف وأنا عنده (١) فقال : يا أمير المؤمنين بثينة بالباب ، قال : ويلك ، من بثينة؟ بثينة جميل؟ [قال : نعم](٢) قال : ائذن لها ، فدخلت امرأة طوالة سمراء قد ـ يعني ـ أسنّت ، وإن بها بقايا من جمال. فقال : ويلك يا غلام كرسي لبثينة ، فأتى بكرسي ، فجلست عليه فحدثته طويلا ، ثم قال : يا بثينة ليت شعري أي شيء رأى فيك جميل حين قال فيك ما قال؟ قالت : ما رأى الناس فيك حيث استخلفوك؟ قال : فضحك حتى بدت له سن سوداء.
قرأت بخط أبي بكر أحمد بن محمّد بن شرّام النحوي (٣) ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن ابن إسحاق الزّجّاج ، أنا أبو الحسن الأخفش. أخبرنا أبو العباس المبرّد ، عن أبي عثمان المازني قال :
حج عبد الملك بن مروان فنزل بوادي القرى ، فدخلت عليه بثينة عليها ثياب من ثياب البادية ، وعلى وجهها برقع ، فقال : أقسمت عليك إلّا نحّيت البرقع عن وجهك ، ففعلت ، فإذا وجه ليس ببارع الجمال ، وعليه أثر كلف ، فقال : ما أراك كما قال جميل (٤) :
بيضاء آنسة كأن حديثها |
|
درّ تهلّك سلكه منثور (٥) |
__________________
(١) تحرفت اللفظتان بالأصل إلى : «وأبا عبده» والمثبت عن المطبوعة.
(٢) الزيادة عن المطبوعة ، ومكانها بياض بالأصل.
(٣) بالأصل : المنقري ، والمثبت عن المطبوعة.
(٤) البيت الأول من قصيدة في ديوانه ص ٦٥ (ط. بيروت ـ صادر) بعنوان : زورا بثينة.
(٥) روايته في الديوان :
غراء مبسام كأن حديثها |
|
در تحدر نظمه منثور |