ذكّرتني من بهجة الشمس لمّا |
|
طلعت بين دجنة وسحاب |
دمية عند راهب قسّيس (١) |
|
صوّروها في مذبح المحراب |
فارجحنّت في حسن خلق عميم |
|
تتهادى في مشيها كالحباب (٢) |
ثم قالوا : تحبها؟ قلت : بهرا |
|
عدد الرمل (٣) والحصى والتراب |
سلبتني محاجر الماء عقلي |
|
فسلوها بما يحلّ اغتصابي (٤) |
ثم قال للغلام : انطلق بهذا الكتاب إلى ابن أبي عتيق (٥) بالمدينة ؛ فلمّا قرأ ابن أبي عتيق الكتاب قال : أنا والله رسوله إليها ، فسار من فوره لا يعلم به أهله حتى قدم مكة ، فأتى منزل عمر ، فوجده غائبا ، فنزل عن دابّته وركب دابّة لعمر ، وقال لغلامه : دلّني على منزل الثّريا ؛ فمضى معه ، فلما انتهى إلى منزلها وجدها قد خرجت إلى البادية على رأس أميال من مكة ، فخرج نحوها ، فلمّا دنا من الحيّ صهل البرذون ، فعرفت الثريّا صوته ، فقالت لجواريها : هذا برذون الحبيب ، ثم دعت براحلة ، فرحّلتها وركبتها وخرجت تلقاه ، فإذا هي بابن [أبي](٦) عتيق ، فقالت : مرحبا ، قد آن لك أن نراك يا عم ما جاء بك؟ قال : أنت والعاشق جئتما بي ، فقالت : أما والله لو بغيرك تحمل ما أجبناه وليس لك مدفع ، امرر بنا نحوه. قال : فأقبل نحو منزل عمر ، وقد كان بعض غلمانه صار إليه فأعلمه أن رجلا قد صار إليهم من صفته كذا وكذا ، قال : ويحك هو ابن أبي عتيق اسبقني إليه فقل له : هذا مولاي يأتيك الساعة. ثم انصرف مسرعا فصار إلى منزله فسأل عن ابن أبي عتيق فأخبر أنه قد توجه إلى الثريا ، فلم يلبث إلّا يسيرا حتى وافاه ابن أبي عتيق ، فخرج إليه فقبّل يديه ورجليه ، ثم قال : انزل جعلني الله فداك ، فقال ابن أبي عتيق : مكة عليّ حرام إن أقمت بها ساعتي هذه ، ثم دعا بدابته فتحوّل عنها ، وشخص إلى المدينة راجعا.
__________________
(١) الديوان : «ذي اجتهاد» مكان : قسيس.
(٢) الحباب : الحية.
(٣) الديوان : «النجم» وفي الأغاني : القطر.
(٤) روايته في الديوان :
غصبتني مجاجة المسك نفسي |
|
فسلوها : ما ذا أحل اغتصابي؟ |
في الأغاني : عقلي بدلا من نفسي.
(٥) هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.
(٦) زيادة لازمة.