وقال لترجمانه : قل له : ما حاجتك ؟ فقال له الترجمان ذلك ، فقال عبدالمطلب : حاجتي أن يردَّ عليَّ مائتي بعير أصابها لي ، ( فلما قال له ذلك ) فقال أبرهة لترجمانه :
قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم زهدت فيك حين كلّمتني ، أتكلّمني إبلك وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه ؟!
قال عبدالمطلّب : أنا ربُّ الإبل ، وللبيت ربٌّ يمنعه.
قال : ما كان ليمنع منّي. وأمر بردِّ إبله.
فلمّا أخذها قلّده وجعلها هدياً وبثّها في الحرم ؛ لكي يصاب منها شيء فيغضب الله.
وانصرف عبدالمطّلب إلى قريش وأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج معه من مكة والتحرّز في رؤوس الجبال خوفاً من معرّة الجيش ، ثم قام عبدالمطّلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة ، فقال عبدالمطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :
يا ربِّ لا أرجو لهم سِواكا |
|
يا ربِّ فامنع منهُمُ حِماكا |
إنّ عدوَّ البيتِ مَن عاداكا |
|
امنعهُمُ أن يُخرِبوا فِناكا |
وقال أيضاً :
لا هُمَّ (١) إنَّ العَبدَ يَمْـ |
|
ـنَعُ رَحلَهُ فامنَعْ حِلالَكَ |
لا يَغلِبنَّ صَليبُهُم |
|
ومِحالُهُم غَدراً مِحالَك (٢) |
إلى آخر الأبيات.
___________________________________
١ ـ مختصر كلمة ( اللّهمّ ) للدعاء.
٢ ـ المَحْلُ : الشدّة ، وقوله تعالىٰ : ( وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ) قيل : معناه شديد القدرة والعذاب ، وقيل : شديد القوة والعذاب. لسان العرب : ١٣ / ٤١ ( مادة مَحَل ).