المُقدَّمةُ
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
راعى المنهج الإسلامي الدوافع الفطرية عند الإنسان ، فلم يعمل على إلغائها أو تعطيلها ، بل سعى إلى إقرارها وتوجيهها الوجهة السليمة التي تنسجم مع مفاهيمه وقيمه ، ومن هذه الدوافع الفطرية زيارة القبور ، فالإنسان مجبول على الارتباط والتواصل مع أرقى نماذج الشخصية الإنسانية في حياتها وبعد مماتها ، وخصوصاً الشخصيات التي غيّرت مسار التاريخ ، وقدّمت للإنسانية كل شيء يرشدها ويوصلها إلى التكامل ، بل قدّمت أرواحها قرايين للحقّ والعدل ، وضحّت بأنفسها من أجل إرشاد واصلاح الإنسانية.
وقد راعى المنهج الإسلامي هذا الارتباط والتواصل وأقرّ زيارة قبور الأولياء والصالحين ، وزيارة الأرحام بعد رحيلهم إلى الحياة الاُخرى ، والتاريخ يحدّثنا عن مظاهر زيارة الأنبياء والصالحين لقبور أوليائهم ، بل وردت الروايات المتواترة والمعتبرة في خصوص الحثّ على زيارة القبور من كلا الفريقين ، لأنّها تشدّ الإنسان إلى الأولياء والصالحين للاقتداء بهم ومعاهدتهم على السير على نهجهم في جميع جوانب الحياة الإنسانية.
وقد سار العقلاء على فطرتهم ، وما نصب الشهيد ونصب الجندي المجهول في جميع بلدان العالم إلّا دليل على هذا التوجه الفطري حتى عند من لا يتبنّى الدين عقيدةً وسلوكاً.
والاهتمام بالقبور ظاهرة فطرية لا تخالف
ثوابت المنهج الإسلامي ، فتذهيب القبب ظاهرة ملموسة ، وحليّ الكعبة ، وميزابها الذهبي خير دليل على ذلك ، وقد قام الكثير من الحكّام بتغيير حليّ الكعبة من حين لآخر دون اعتراض من الفقهاء