الثاني : السنّة النبويّة :
يستفاد من الأحاديث الشريفة ـ الّتي رواها أصحاب الصحاح والسُّنن ـ أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نهى عن زيارة القبور نهياً مؤقّتاً لأسباب خاصّة ، ثمّ رفع النهي ورغّب في الزيارة.
ولعلّ علّة النهي المؤقّت هي أنّ الأموات كانوا مشركين وعبدة للأصنام ، وقد قطع الإسلام كلّ العلاقات مع الشرك وأهله ، فنهي النبيّ صلىاللهعليهوآله عن زيارة الأموات (١).
ويحتمل أن تكون العلّة شيئاً آخر ، وهو أنّ المسلمين كانوا حديثي العهد بالإسلام ، فكانوا ينوحون عل قبور موتاهم نياحة باطلة تُخرجهم عن نطاق الشريعة ، ولمّا تمركز الإسلام في قلوبهم وأَنِسُوا بالشريعة والأحكام ألغىٰ النبيّ صلىاللهعليهوآله بأمر الله تعالى النهي عن زيارة القبور ، لما فيها من الآثار الحسنة والنتائج الطيّبة ، والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة ، نقلها السمهودي في وفاء الوفا (٢) ، ونقلها غيره ، ونحن ننقلها منه ، وربّما نترك بعض أسانيدها ، وقد تكلّم هو علىٰ أسانيدها بما فيه كفاية ، ولهذا روىٰ اصحاب الصحاح والسنن عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وإليك منها ما يلي :
___________________________________
١ ـ ويؤيّد هذا الإحتمال : ما كان يقول صلىاللهعليهوآله عند زيارته لأهل القبور : « دار قوم مؤمنين » ، كما سيأتي تفصيله.
٢ ـ وفاء الوفاء : ٢ / ٣٩٤ ـ ٤٠٢.