فيلٌ وناقَةٌ وبَقَرَ إحساس واحترام للمقدّسات
جاء في كتاب الكامل في التاريخ (١) ، لعزّ الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني المعروف بابن الأثير ، ذكر أمر الفيل :
لمّا دام ملك أبرهة باليمن وتمكّن به بنىٰ القُلَّيْسَ بصنعاء ، وهي كنيسة لم يُرَ مثلها في زمانها بشيء من الأرض ، ثم كتب إلى النجاشي : إنِّي قد بنيتُ لك كنيسةً لم يُرَ مثلها ، ولستُ بِمُنتَهٍ حتى أصرفَ إليها حاجِّ العرب.
فلمّا تحدّثت العرب بذلك غضب رجل من النَسَأة (٢) من بني فُقيم ، فخرج حتى أتاها فقعد فيها وتغوّط ، ثم لحق بأهله ، فأخبر بذلك أبرهة ، وقيل له : إنَّه فِعل رجلٍ من أهل البيت الذي تحجّه العرب بمكة ، غضب لما سمع أنك تريد صرف الحجّاج عنه ففعل هذا.
فغضب أبرهة وحلف ليسيرنَّ إلى البيت فيهدمه ، وأمر الحبشة فتجهّزت ، وخرج معه بالفيل واسمه محمود ، وقيل : كان معه ثلاثة عشر فيلاً وهي تتبع محموداً ، وإنَّما وحّد الله سبحانه الفيل لأنَّه عنى كبيرها محموداً ، وقيل في عددهم غير ذلك.
فلمّا سار سمعت العرب به فأعظموه ورأوا جهاده حقّاً عليهم ، فخرج عليه رجل من أشراف اليمن يقال له : ذونفر ، وقاتله ، فهُزم ذونفر واُخذ
___________________________________
١ ـ الكامل في التاريخ : ١ / ٤٤٢.
٢ ـ النَسَأَة : هم الذين كانوا يؤخّرون شهر المحرَّم إلىٰ صَفَر لحاجتهم إلىٰ شَنّ الغارات وطلب الثارات.